فاسألهم فقال علي عليه السلام:"تراه إذا سكر هذى وإذا هذى افترى وعلى المفتري ثمانون جلدة". فقال عمر: أبلغ صاحبك ما قال فجعلوه كالصاحي ومنهم من قال يصح طلاقه قولا واحدا ولعل ما رواه المزني حكاه الشافعي رحمه الله عن غيره وفي علته ثلاثة أوجه: أحدها وهو قول أبي العباس إن سكره لا يعلم إلا منه وهو متهم في دعوى السكر لفسقه فعلى هذا يقع الطلاق في الظاهر ويدين فيما بينه وبين الله عز وجل والثاني: أنه يقع طلاقه تغليظاً عليه لمعصيته فعلى هذا يصح ما فيه تغليظ كالطلاق والعتق والردة وما يوجب الحد ولا يصح ما فيه تخفيف كالنكاح والرجعة وقبول الهبات والثالث أنه لما كان سكره بمعصية أسقط حكمه فجعل كالصاحي فعلى هذا يصح منه الجميع وهذا هو الصحيح لأن الشافعي رحمه الله نص على صحة رجعته.
فصل: وأما المكره فإنه ينظر فإن كان إكراهه بحق كالمولى إذا أكرهه الحاكم على الطلاق وقع طلاقه لأنه قول حمل عليه بحق فصح كالحربي إذا أكره على الإسلام وإن كان بغير حق لم يصح لقوله صلى الله عليه وسلم: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه١". ولأنه قول حمل عليه بغير حق فلم يصح كالمسلم إذا أكره على كلمة الكفر ولا يصير مكرهاً إلا بثلاثة شروط: أحدها: أن يكون المكره قاهراً له لا يقدر على دفعه والثاني: أن يغلب على ظنه أن الذي يخافه من جهته يقع به والثالث: أن يكون به ما يهدده به مما يلحقه ضرر به كالقتل والقطع والضرب المبرح والحبس الطويل والاستحقاق بمن يغض منه ذلك من ذوي الأقدار لأنه يصير مكرها بذلك وأما الضرب القليل في حق من لا يبالي به والاستخفاف بمن لا يغض منه أو أخذ القليل من المال ممن لا يتبين عليه أو الحبس القليل فليس بإكراه وأما النفي فإن كان فيه تفريق بينه وبين الأهل فهو إكراه وإن لم يكن فيه تفريق بينه وبين الأهل ففيه وجهان: أحدهما: أنه إكراه لأنه جعل النفي عقوبة كالحد