للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإن حلف لا يأكل طعاماً اشتراه زيد فأكل طعاما اشتراه زيد وعمر ولم يحنث لأن ليس فيه شيء يمكن أن يشار إليه إن اشتراه زيد دون عمر فلم يحنث وإن اشترى كل واحد منهما طعاماً ثم خلطاه فأكل منه ففيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنه لا يحنث لأن ليس فيه شيء يمكن أن يقال هذا الطعام اشتراه زيد دون عمرو فلم يحنث كما لو اشترياه في صفقة واحدة والثاني: أنه إن أكل النصف فما دونه لم يحنث وإن أكل أكثر من النصف حنث لأن النصف فما دونه يمكن أن يكون مما اشتراه عمرو فلم يحنث بالشك وفيما زاد يتحقق أنه أكل مما اشتراه زيد والثالث: وهو قول أبي إسحاق أنه أكل الحبة والعشرين حبة لم يحنث لجواز أن يكون مما اشتراه عمرو وإن أكل الكف والكفين حنث لأنه يستحيل فيما يختلط أن يتميز في الكف والكفين ما اشتراه زيد عما اشتراه عمرو.

فصل: وإن حلف لا يدخل دار زيد فحمله غيره باختياره فدخل به حنث لأن الدخول ينسب إليه كما ينسب إذا دخلها راكباً على البهيمة أو دخلها برجله فإن دخلها ناسياً لليمين أو جاهلاً بالدار أو أكره حتى دخلها ففيه وجهان: أحدهما: يحنث لأنه فعل ما حلف عليه فحنث والثاني: لا يحنث وهو الصحيح لما روى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه". ولأن حال النسيان والجهل والإكراه لا يدخل في اليمين كما لا يدخل في الأمر والنهي في خطاب الله عز وجل وخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا لم يدخل في اليمين لم يحنث به وإن حمله غيره مكرهاً حتى دخل به ففيه طريقان: من أصحابنا من قال فيه قولان كما لو أكره حتى دخلها بنفسه لأنه لما كان في حال الاختيار دخوله بنفسه ودخوله محمولاً واحداً لوجب أن يكون في حال الإكراه دخوله بنفسه ودخوله محمولا واحدا ومنهم من قال: لا يحنث قولاً واحداً لأن الفعل إنما ينسب إليه إما بفعله حقيقة أو بفعل غيره بأمره مجازا وههنا لم يوجد واحد منهما فلم يحنث.

فصل: وإن حلف ليأكلن هذا الرغيف غداً فأكله من الغد بر في يمينه لأنه فعل ما حلف على فعله وإن ترك أكله في الغد حتى انقضى حنث لأنه فوت المحلوف عليه باختياره وإن أكل نصفه في الغد حنث لأنه قدر على أكل الجميع ولم يفعل وإن أكله في يومه حنث لأنه فوت المحلوف عليه باختياره فحنث كما لوترك أكله حتى انقضى الغد وإن تلف الرغيف في يومه أوفي الغد قبل أن يتمكن من أكله ففيه قولان كالمكره،

<<  <  ج: ص:  >  >>