وإن تلف من الغد بعدما تمكن من أكله ففيه طريقان: من أصحابنا من قال يحنث قولا واحدا لأنه فوته باختياره ومنهم من قال فيه قولان لأن جميع الغد وقت للأكل فلم يكن تفويته بفعله فإن حلف ليقضينه حقه عند رأس الشهر مع رأس الشهر فقضاه قبل رؤية الهلال حنث لأنه فوت القضاء باختياره وإن رأى الهلال ومضى زمان أمكنه فيه القضاء فلم يقضه حنث لأنه فوت القضاء باختياره وإن أخذ عند رؤية الهلال في كيله وتأخر الفراغ منه لكثرته لم يحنث لأنه لم يترك القضاء وإن أخر عن أول ليلة الشك ثم بان أنه كان من الشهر ففيه قولان كالناسي والجاهل وإن قال والله لأقضين حقه إلى شهر رمضان فلم يقضه حتى دخل الشهر حنث لأنه ترك ما حلف على فعله من غير ضرر وإن قال والله لأفين حقه إلى أول الشهر فقد اختلف أصحابنا فيه فمنهم قال حكمها حكم ما لو قال والله لأقضين حقه عند رأس الشهر وهو ظاهر النص وإن قضاه قبل رؤية الهلال حنث وإن رأى الهلال ومضى وقت يمكن فيه القضاء ثم قضاه حنث لأن إلى فد تكون للغاية كقوله عز وجل: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}[البقرة: ١٨٧] فلما احتمل أن تكون للغاية واحتمل أن تكون للمقارنة لم يجز أن نحنثه بالشك ويخالف قوله والله لأقضين حقه إلى رمضان لأنه لا يحتمل أن تكون للمقارنة لأنه لا يمكن أن يقارن القضاء في جميع شهر رمضان فجعلناه للغاية.
فصل: وإن كان له على رجل حق فقال له والله لا فارقتك حتى أستوفي حقي ففر منه الغريم لم يحنث الحالف وقال أبوعلي ابن أبي هريرة فيه قولان كالقولين في المكره وهذا خطأ لأنه حلف على فعل نفسه ولم يوجد ذلك منه ولو قال والله لا فارقتني حتى أستوفي حقي منك ففارقه الغريم مختارا ذاكرا لليمين حنث الحالف وإن فارقه مكرهاً أو ناسياً ففيه طريقان من أصحابنا من قال هي على القولين في المكره والناسي ومنهم من قال يحنث الحالف قولاً واحداً لأن الاختيار والقصد يعتبر في فعل الحالف لا في فعل غيره والصحيح هو الأول وأن يعتبر في فعل من حلف على فعله وإن كانت اليمين على فعل الحالف اعتبر الاختيار والقصد في فعله وإن كانت على فعل غيره اعتبر الاختيار والقصد في فعله وإن فارقه الحالف لم يحنث لأن اليمين على فعل الغريم ولم يوجد منه فعل وإن حلف لا يفارق غريمه حتى يستوفي حقه منه ثم أفلس وفارقه لما يعلم من وجوب إنظار المعسر حنث لأنه فعل المحلوف عليه مختاراً ذاكراً لليمين فحنث،