للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخر قال: "أنفقه على خادمك" قال: عندي آخر قال: "أنت أعلم به". ويجب عليه نفقة ولد الوالد وإن سفل لأن اسم الولد يقع عليه والدليل عليه قوله عز وجل: {يَا بَنِي آدَمَ} وتجب على الأم نفقة الولد لقوله تعالى: {لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} [البقرة: ٢٣٣] ولأنه إذا وجبت على الأب وولادته من جهة الظاهر فلأن تجب على الأم وولادتها من جهة القطع أولى وتجب عليها نفقة ولد الولد لما ذكرناه في الأب ولا تجب نفقة من عدا الوالدين والمولدين من الأقارب كالإخوة والأعمام وغيرهما لأن الشرع ورد بإيجاب نفقة الوالدين والمولدين ومن سواهم لا يلحق بهم في الولادة وأحكام الولادة فلم يلحق بهم في وجوب النفقة.

فصل: ولا تجب نفقة القريب إلا على موسر أو مكتسب يفضل عن حاجته ما ينفق على قريبه وأما من لا يفضل عن نفقته شيء فلا تجب عليه لما روى جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان أحدكم فقيراً فليبدأ بنفسه فإن كان فضل فعلى عياله فإن كان فضل فعلى قرابته" ١. فإن لم يكن فضل غير ما ينفق على زوجته لم يلزمه نفقة القريب لحديث جابر رضي الله عنه ولأن نفقة القريب مواساة ونفقة الزوجة عوض فقدمت على المواساة ولأن نفقة الزوجة تجب لحاجته فقدمت على نفقة القريب كنفقة نفسه.

فصل: ولا يستحق القريب النفقة على قريبه من غير حاجة فإن كان موسراً لم يستحق لأنها تجب على سبيل المواساة والموسر مستغن عن المواساة وإن كان معسراً عاجزاً عن الكسب لعدم البلوغ أو الكبر أو الجنون أو الزمانة استحق النفقة على قريبه لأنه محتاج لعدم المال وعدم الكسب وإن كان قادراً على الكسب بالصحة والقوة فإن كان من الوالدين ففيه قولان: أحدهما: يستحق لأنه محتاج فاستحق النفقة على القريب كالزمن والثاني: لا يستحق لأن القوة كاليسار ولهذا سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما في تحريم الزكاة فقال: "لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة قوي" ٢. وإن كان من المولدين ففيه طريقان:


١ رواه مسلم في كتاب الزكاة حديث ٤١. النسائي في كتاب الزكاة باب ٦٠.
٢ رواه الترمذي في كتاب الزكاة باب ٢٢، ٢٣. النسائي في كتاب الزكاة باب ٨٠. ابن ماجه في كتاب الزكاة باب ٢٦. الموطأ في كتاب الزكاة حديث ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>