من أصحابنا من قال فيه قولان كالوالدين ومنهم من قال لا يستحق قولاً واحداً لأن حرمة الوالد آكد فاستحق بها مع القوة وحرمة الولد أضعف فلم يستحق بها مع القوة.
فصل: فإن كان للذي يستحق النفقة أب وجد أوجد وأبو جد وهما موسران كانت النفقة على الأقرب منهما لأنه أحق بالمواساة من الأبعد وإن كان له أب وابن موسران ففيه وجهان: أحدهما: أن النفقة على الأب لأن وجوب النفقة عليه منصوص عليه وهو قوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة: ٢٣٣] ووجوبها على الولد ثبت بالاجتهاد والثاني: أنهما سواء لتساويهما في القرب والذكورية وإن كان له أب وأم موسران كانت النفقة على الأب لقوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦ [فجعل أجرة الرضاع على الأب وروت عائشة رضي الله عنها أن هنداً أم معاوية جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وأنه لا يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه سرا وهولا يعلم فهل علي في ذلك من شيء؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف". ولأن الأب ساوى الأم في الولادة وانفرد بالتعصيب فقدم وإن كان له أم وجد أبو الأب وهما موسران فالنفقة على الجد لأن له ولادة وتعصيباً فقدم على الأم كالأب وإن كانت له بنت وابن بنت ففيه قولان: أحدهما: أن النفقة على البنت لأنها أقرب والثاني: أنها على ابن البنت لأنه أقوى وأقدر على النفقة بالذكورية وإن كانت له بنت وابن ابن فالنفقة على ابن الابن لأن له ولادة وتعصيباً فقدم كما قدم الجد على الأم وإن كان له أم وبنت كانت النفقة على البنت لأن للبنت تعصيباً وليس للأم تعصيب وإن كان له أم أم وأبو أم فهما سواء لأنهما يتساويان في القرب وعدم التعصيب وإن كان له أم أم وأم أب ففيه وجهان: أحدهما: أنهما سواء لتساويهما في الدرجة والثاني: أن النفقة على أم الأب لأنها تدلي بالعصبة.
فصل: وإن كان الذي تجب عليه النفقة يقدر على نفقة قريب واحد وله أب وأم يستحقان النفقة ففيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن الأم أحق لما روي أن رجلاً قال: يا رسول الله من أبر؟ قال:"أمك" قال: ثم من؟ قال:"أمك" قال: ثم من؟ قال:"أمك" قال: ثم من؟ قال:"أبوك". ولأنها تساوي الأب في الولادة وتنفرد بالحمل والوضع والرضاع والتربية. والثاني: أن الأب أحق لأنه يساويها في الولادة وينفرد بالتعصيب ولأنهما لوكانا موسرين والابن معسراً قدم الأب في وجوب النفقة عليها فقدم في النفقة له. والثالث: أنهما سواء لأن النفقة بالقرابة لا بالتعصيب وهما في القرابة سواء وإن كان له أب وابن ففيه وجهان: أحدهما: أن الابن أحق لأن نفقته ثبتت بنص الكتاب والثاني: أن الأب أحق لأن حرمته