والنساء وله أقارب من رجال ذوي الأرحام ومن يدلي بهم ففيه وجهان: أحدهما: أنهم أحق من السلطان لأن لهم رحماً فكانوا أحق من السلطان كالعصبات والثاني: أن السلطان أحق بالحضانة لأنه لا حق لهم مع وجود غيرهم فكان السلطان أحق منهم كما قلنا في الميراث وإن كان للطفل أبوان فثبتت الحضانة للأم فامتنعت منها فقد ذكر أبو سعيد الأصطخري فيه وجهين: أحدهما: أن الحضانة تنتقل إلى أم الأم كما تنتقل إليها بموت الأم أو جنونها أو فسقها أو كفرها والثاني: أنها تكون للأب لأن الأم لم يبطل حقها من الحضانة لأنها لو طالبت بها كانت أحق فلم تنتقل إلى من يدلي بها.
فصل: وإن افترق الزوجان ولهما ولد له سبع سنين أو ثمان سنين وهو مميز وتنازعا كفالته خير بينهما لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن زوجي يريد أن يذهب بابني وقد سقاني من بئر أبي عنبة وقد نفعني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا أبوك وهذه أمك فخذ بيد أيهما شئت". فأخذ بيد أمه فانطلقت به فإن اختارهما أقرع بينهما لأنه لا يمكن اجتماعهما على كفالته ولا مزية لأحدهما: على الآخر فوجب التقديم بالقرعة وإن لم يختر واحداً منهما أقرع بينهما لأنه لا يمكن تركه وحده ما لم يبلغ لأنه يضيع ولا مزية لأحدهما: على الآخر فوجبت القرعة وإن اختار أحدهما: نظرت فإن كان ابناً فاختار الأم كان عندها بالليل ويأخذه الأب بالنهار ويسلمه في مكتب أو صنعة لأن القصد حظ الولد وحظ الولد فيما ذكرناه وإن اختار الأب كان عنده بالليل والنهار ولا يمنعه من زيارة أمه لأن المنع من ذلك إغراء بالعقوق وقطع الرحم فإن مرض كانت الأم أحق بتمريضه لأنه بالمرض صار كالصغير في الحاجة إلى من يقوم بأمره فكانت الأم أحق به وإن كانت جارية فاختارت أحدهما: كانت عنده بالليل والنهار ولا يمنع الآخر من زيارتها من غير إطالة وتبسط لأن الفرقة بين الزوجين تمنع من تبسط أحدهما: في دار الآخر وإن مرضت كانت الأم أحق بتمريضها في بيتها وإن مرض أحد الأبوين والولد عند الآخر لم يمنع من عيادته وحضوره عند موته لما ذكرناه وإن اختار أحدهما: فسلم إليه ثم اختار الآخر حول إليه وإن عاد فاختار الأول أعيد إليه