لأن الاختيار إلى شهوته وقد يشتهي المقام عند أحدهما: في وقت وعند الآخر في وقت فاتبع ما يشتهيه كما يتبع ما يشتهيه من مأكول ومشروب وإن لم يكن له أب وله أم وجد خير بينهما لأن الجد كالأب في الحضانة في حق الصغير فكان كالأب في التخيير في الكفالة فإن لم يكن له أب ولا جد فإن قلنا إنه لا حق لغير الآب والجد في الحضانة ترك مع الأم إلى أن يبلغ وإن قلنا بالمنصوص إن الحضانة تثبت للعصبة فإن كانت العصبة محرماً كالعم والأخ وابن الأخ خير بينهم وبين الأم لما روى عامر بن عبد الله قال: خاصم عمي أمي وأراد أن يأخذني فاختصما إلى علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فخيرني على ثلاث مرات فاخترت أمي فدفعني إليها فإن كان العصبة ابن عم فإن كان الولد ابناً خير بينه وبين الأم وإن كانت بنتاً كانت عند الأم إلى أن تبلغ ولا تخير بينهما لأن ابن العم ليس بمحرم لها ولا يجوز أن تسلم إليه.
فصل: وإن افترق الزوجان ولهما ولد فأراد أحدهما: أن يسافر بالولد فإن كان السفر مخوفاً أبو البلد الذي يسافر إليه مخوفاً فالمقيم أحق به فإن كان مميزاً لم يخبر بينهما لأن في السفر تغريراً بالولد وإن كان السفر لا تقصر فيها الصلاة كانا كالمقيمين في حضانة الصغير ويخير المميز بينهما لأنهما يستويان في انتفاء أحكام السفر من القصر والفطر والمسح فصارا كالمقيمين في محلتين في بلد واحد وإن كان السفر لحاجة لا لنقلة كان المقيم أحق بالولد لأنه لا حظ للولد في حمله ورده وإن كان السفر للنقلة إلى موضع يقصر فيه الصلاة من غير خوف فالأب أحق به سواء كان هو المقيم أو المسافر لأن في الكون مع الأم حضانة وفي الكون مع الأب حفظ النسب والتأديب وفي الحضانة يقوم غير الأم مقامها وفي حفظ النسب لا يقوم غير الأب مقامه فكان الأب أحق وإن كان المسافر هو الأب فقالت الأم يسافر لحاجة فأنا أحق وقال الأب أسافر للنقلة فأنا أحق فالقول قول الأب لأنه أعرف بنيته. وبالله التوفيق.