أصحابنا من قال لا يجب القصاص ويجب نصف الدية لأن الجناية والقتل كالجناية الواحدة فإذا سقط القصاص في بعضها سقط في جميعها ويجب نصف الدية لأنه وجب كمال الدية وقد أخذ نصفها وبقي له النصف ومنهم من قال يجب له القصاص في النفس وهو الصحيح لأن القتل انفرد عن الجناية فعفوه عن الجناية لا يوجب سقوط ما لزمه بالقتل ويجب له نصف الدية لأن القتل إذا تعقب الجناية قبل الاندمال صار بمنزلة ما لو سرت إلى النفس ولو سرت وجب فيها الدية وقد أخذ النصف وبقي النصف.
فصل: إذا قطع يد رجل فسرى القطع إلى النفس فاقتص في اليد ثم عفى عن النفس على غير مال لم يضمن اليد لأنه قطعها في حال لا يضمنها فأشبه إذا قطع يد مرتد فأسلم ولأن العفو يرجع إلى ما بقي دون ما استوفى كما لو قبض من ديته بعضه ثم أبرأه وإن عفى على مال وجب له نصف الدية لأنه بالعفو صار حقه في الدية وقد أخذ ما يساوي نصف الدية فوجب له النصف فإن قطع يدي رجل فسرى إلى نفسه فقطع الولي يدي الجاني ثم عفا عن النفس لم يجب له مال لأنه لم يجب له أكثر من دية وقد أخذ ما يساوي دية فلم يجب له شيء وإن قطع نصراني يد مسلم فاقتص منه في الطرف ثم سرى القطع إلى نفس المسلم فللوالي أن يقتله لأنه صارت الجناية نفساً وإن اختار أن يعفو على الدية ففيه وجهان: أحدهما: أنه يجب عشرة آلاف درهم لأن دية المسلم اثنا عشر ألفاً وقد أخذ ما يساوي ألفي درهم فوجب الباقي والثاني: أنه يجب له نصف ديته وهو ستة آلاف درهم لأنه رضي أن يأخذ يداً ناقصة بيد كاملة ديتها ستة آلاف درهم فوجب الباقي وإن قطع يديه فاقتص منه ثم سرى القطع إلى نفس المسلم فللوالي أن يقتله لأنه صارت الجناية نفساً فإن عفى على الدية أخذ على الوجه الأول ثمانية آلاف درهم لأنه أخذ ما يساوي أربعة آلاف درهم وبقي له ثمانية آلاف درهم وعلى الوجه الثاني لا شيء له لأنه رضي أن يأخذ نفسه بنفسه فيصير كما لو استوفى ديته وإن قطعت امرأة يد رجل فاقتص منها ثم سرى القطع إلى نفس الرجل فلوليه أن يقتلها لما ذكرناه فإن عفا على مال وجب على الوجه الأول تسعة آلاف درهم لأن الذي أخذ يساوي ثلاثة آلاف درهم وبقي تسعة آلاف درهم وعلى الوجه الثاني يجب ستة آلاف لأنه رضي أن يأخذ يدها بيده وذلك بقدر نصف ديته وبقي الصف.