الطريق وهناك حربي فأسلم ووقع فيها ومات ضمنه وإن كان عند السبب حربياً ويخالف إذا جرحه ثم أسلم ومات لأن الجناية هناك حصلت وهو غير مضمون وإن أرسل سهماً على مسلم فوقع به وهو مرتد فمات لم يضمن لأن الجناية حصلت وهو غير مضمون فلم يضمنه كما لو أرسله على حي فوقع به وهو ميت.
فصل: وإن قتل مسلماً تترس به الكفار لم يجب القصاص لأنه لا يجوز أن يجب القصاص مع جواز الرمي وأما الدية فقد قال في موضع تجب وقال في موضع إن علمه مسلماً وجبت فمن أصحابنا من قال هو على قولين: أحدهما: أنها تجب لأنه ليس من جهته تفريط في الإقامة بين الكفار فلم يسقط ضمانه والثاني: أنه لا تجب لأن القاتل مضطر إلى رميه ومنهم من قال: إن علم أنه مسلم لزمه ضمانه وإن لم يعلم لم يلزمه ضمانه لأن مع العلم بإسلامه يلزمه أن يتوقاه ومع الجهل بإسلامه لا يلزمه أن يتوقاه وحمل القولين على هذين الحالين وقال أبو إسحاق إن عنيه بالرمي ضمنه وإن لم يعنه لم يضمنه وحمل القولين على هذين الحالين.
فصل: وتجب الدية بقتل الخطأ لقوله عز وجل: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ}[النساء: ٤٩٢] وتجب بقتل العمد في أحد القولين وبالعفو على الدية في القول الآخر وقد بيناه في الجنايات وتجب بشبه العمد لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا إن في دية الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا مائة من الإبل منها أربعون خافة في بطونها أولادها" ١. فإن غرز إبرة في غير مقتل فمات وقلنا إنه لا يجب عليه القصاص ففي الدية وجهان: أحدهما: أنها تجب لأنه قد يفضي إلى القتل والثاني: لا تجب بأقل المثقل وهو الضرب بالقلم والرمي بالحصاة لم تجب بأقل المحدد.
فصل: وتجب على الجماعة إذا اشتركوا في القتل وتقسم بينهم على عددهم لأنه بدل متلف يتجزأ فقسم بين الجماعة على عددهم كغرامة المال فإن اشترك في القتل اثنان وهما من أهل القود فللولي أن يقتص من أحدهما: ويأخذ من الآخر نصف الدية وإن كان أحدهما: من أهل القود والآخر من أهل الدية فله أن يقتص ممن عليه القود ويأخذ من الآخر نصف الدية.
١ رواه النسائي في كتاب القسامة باب ٣٣، ٣٤. ابن ماجه في كتاب الديات باب ٥، ٢٢. أحمد في مسنده ٢/١١،٣٦.