فصل: وتجب الدية بالإشهاد فإن شهد اثنان على رجل بالقتل فقتل بشهادتهما بغير حق ثم رجعا عن الشهادة كان حكمهما في الدية حكم الشريكين لما روي أن شاهدين شهدا عند علي كرم الله وجهه على رجل أنه سرق فقطعه ثم رجعا عن شهادتهما فقال لو أعلم أنكما تعمدتما لقطعت أيديكما وأغرمهما دية يده.
فصل: وإن أكره رجل على قتل رجل فقتله فإن قلنا إنه يجب القود عليهما فللولي أن يقتل من شاء منهما ويأخذ نصف الدية من الآخر لأنهما كالشريكين في القتل إذا كانا من أهل القود وإن قلنا لا يجب القود إلا على المكره الآمر دون المكره فللولي أن يقتل المكره ويأخذ من الآخر نصف الدية لأنهما كالشريكين غير أن القصاص يسقط بالشبهة فسقط عنه والدية لا تسقط بالشبهة فوجب عليه نصفها.
فصل: وإن طرح رجلاً في نار يمكنه الخروج منها فلم يخرج حتى مات ففيه قولان: أحدهما: أنه تجب الدية لأن ترك التخلص من الهلاك لا يسقط به ضمان الجناية كما لو جرحه جراحة وقدر المجروح على مداواتها فترك المداواة حتى مات والقول الثاني: أنها لا تجب وهو الصحيح لأن طرحه في النار لا يحصل به التلف وإنما يحصل ببقائه فيها باختياره فسقط ضمانه كما لو جرحه جرحاً يسيراً لا يخاف منه فوسعه حتى مات وإن طرحه في ماء يمكنه الخروج منه فلم يخرج حتى مات ففيه طريقان: من أصحابنا من قال فيه قولان كالنار ومنهم من قال لا تجب قولاً واحداً لأن الطرح في الماء ليس بسبب الهلاك لأن الناس يطرحون أنفسهم في الماء للسباحة وغيرها وإنما حصل الهلاك بمقامه فيه فسقط ضمانه بخلاف النار.
فصل: وإن شد يده ورجليه وطرحه في الساحل فزاد الماء وهلك فيه نظرت فإن كانت الزيادة معلومة الوجود كالمد بالبصرة فهو عمد محض ويجب به القصاص لأنه قصد تغريقه وإن كان قد يزيد وقد لا يزيد فهو عمد خطأ وتجب به الدية المغلظة فإن كان في موضع لا يزيد فيه الماء فزاد وهلك فيه فهو خطأ محض وتجب فيه الدية مخففة وإن شد يديه ورجليه وطرحه في أرض مسبعة فقتله السبع فهو عمد خطأ وتجب فيه دية