فأشبه إذا تلفت بصاعقة واختلف أصحابنا في موضع القولين فمنهم من قال القولان إذا لم يكن من جهتهما فعل بأن كانت السفن واقفة فجاءت الريح فقلعتها فإما إذا سارت ثم جاءت الريح فغلبتهما ثم اصطدما وجب الضمان قولاً واحداً لأن ابتداء السير كان منهما فلزمهما الضمان كالفارسين وقال أبو إسحاق وأبو سعيد القولان في الحالين وفرقوا بينهما وبين الفارسين بأن الفارس يمكنه ضبط الفرس باللجام والقيم لا يمكنه ضبط السفينة فإذا قلنا إنه يجب الضمان كان الحكم فيه كالحكم فيه إذا فرطا إلا في القصاص فإنه لا يجب مع عدم التفريط وإن قلنا إنه لا يجب الضمان نظرت فإن كانت السفن وما فيها لهما لم يجب على كل واحد منهما ضمان وإن كانت السفن مستأجرة والمتاع الذي فيها أمانة كالوديعة ومال المضاربة لم يضمن لأن الجميع أمانة فلا تضمن مع عدم التفريط وإن كانت السفن مستأجرة والمتاع الذي فيها يحمل بأجرة لم يجب ضمان السفن لأنها أمانة وأما المال فهو مال في اليد أجير مشترك فإن كان معه صاحبه لم يضمن ولم يكن معه صاحبه فعلى القولين في الأجير المشترك وأن كان أحدهما: مفرطاً والآخر غير مفرط كان الحكم في المفرط ما ذكرناه إذا كانا مفرطين والحكم في غير المفرط ما ذكرناه إذا كانا غير مفرطين.
فصل: إذا كان في السفينة متاع لرجل فثقلت السفينة فقال رجل لصاحب المتاع ألق متاعك في البحر وعلي ضمانه فألقاه وجب عليه الضمان وقال أبو ثور لا يجب لأنه ضمان ما لم يجب وهذا خطأ لأن ذلك ليس بضمان لأن الضمان يفتقر إلى مضمون عنه وليس ههنا مضمون عنه وإنما هو استدعاء إتلاف بعوض صحيح فإن قال ألق متاعك وعلي وعلى ركاب السفينة ألف فألقاه لزمه بحصته فإن كانوا عشرة لزمه مائة وإن كانوا خمسة لزمه مائتان لأنه جعل الألف على الجميع فلم يلزمه أكثر من الحصة فإن قال أنا أقيه على أني وهم ضمناء فألقاه ففيه وجهان: أحدهما: أنه يجب عليه الحصة لما ذكرناه والثاني: يجب عليه ضمان الجميع لأنه باشر الإتلاف.
فصل: فإن رمي عشرة أنفس حجراً بالمنجنيق فرجع الحجر وقتل أحدهم سقط من ديته العشر ووجب تسعة أعشار الدية على الباقين لأنه مات من فعله وفعلهم فهدر بفعله العشر ووجب الباقي على التسعة.
فصل: وإذا وقع رجل في بئر ووقع آخر خلفه من غير جذب ولا دفع فإن مات الأول وجبت ديته على الثاني لما روى علي بن رباح اللخمي أن بصيراً كان يقود أعمى