فوقعا في بشر فوقع الأعمى فوق البصير فقتله فقضى عمر رضي الله عنه بعقل البصير على الأعمى فكان الأعمى ينشد في الموسم:
يا أيها الناس لقيت منكرا ... يعقل الأعمى الصحيح المبصرا ... خرا معاً كلاهما تكسراً
ولأن الأول مات بوقوع الثاني عليه فوجبت ديته عليه وإن مات الثاني هدرت ديته لأنه لا صنع لغيره في هلاكه وإن ماتا جميعاً وجبت دية الأول على الثاني وهدرت دية الثاني لما ذكرناه فإن جذب الأول الثاني ومات الأول هدرت ديته لأنه مات بفعل نفسه وإن مات الثاني وجبت ديته على الأول لأنه بجذبه وإن وقع الأول ثم وقع الثاني ثم وقع الثالث فإن كان وقوعهم من غير جذب ولا دفع وجبت دية الأول على الثاني والثالث لأنه مات بوقوعهما عليه وتجب دية الثاني على الثالث لأنه انفرد بالوقوع عليه فانفرد بديته وتهدر دية الثالث لأنه مات من وقوعه فإن جذب بعضهم بعضاً بأن وقع الأول وجذب الثاني وجذب الثاني الثالث وماتوا وجب للأول نصف دية على الثاني لأنه مات من فعله بجذب الثاني ومن فعل الثاني بجذب الثالث فهدر النصف بفعله ووجب النصف ويجب للثاني نصف الدية على الأول لأنه جذبه ويسقط نصفها لأنه جذب الثالث ويجب للثالث الدية لأنه لا فعل له في هلاك نفسه وعلى من تجب فيه وجهان: أحدهما: أنها تجب على الثاني لأنه هو الذي جذبه والوجه الثاني أنها تجب على الأول والثاني: نصفين لأن الثاني جذبه والأول جذب الثاني فاضطره إلى جذب الثالث وكان كل واحد منهما سبباً في هلاكه فوجبت الدية عليهما.
فصل: وإن تجارح رجلان وادعى كل واحد منهما على صاحبه أنه قصد قتله فجرحه دفعا عن نفسه فالقول قول كل واحد منهما مع يمينه أنه ما قصد قتل صاحبه فإذا حلفا وجب على كل واحد منهما ضمان جرحه لأن الجرح قد وجد وما يدعيه كل واحد منهما من قصد الدفع عن نفسه لم يثبت فوجب الضمان.