للمنخر وإن شق الحاجز وجب عليه حكومة وإن شق الحاجز وجب عليه حكومة وإن قطع المارن وقصبة الأنف وجب عليه الدية في المارن والحكومة في القصبة لأن القصبة تابعة فوجب فيها الحكومة كالذراع مع الكف وإن جنى على المارن فاستحشف ففيه قولان كالقولين فيمن جنى على الأذن حتى استحشف: أحدهما: تجب عليه الدية والثاني: تجب عليه الحكومة وقد مضى وجههما في الأذن.
فصل: وتجب بإتلاف الشم الدية لأنها حاسة تختص بمنفعة مقصودة فوجب بإتلافها الدية كالسمع والبصر وإن ذهب الشم من أحد المنخرين وجب فيه نصف الدية كما تجب في إذهاب البصر من أحد العينين والسمع من أحد الأذنين وإن جنى عليه فنقص الشم وجب عليه أرش ما نقص وإن أمكن أن يعرف قدر ما نقص وجب فيه من الدية بقدره وإن لم يمكن معرفة قدره وجبت فيه الحكومة لما بيناه في نقصان السمع وإن ذهب الشم وأخذت فيه الدية ثم عاد وجب رد الدية لأنا تبينا أنه لم يذهب وإنما حال دونه حائل لأنه لو ذهب لم يعد.
فصل: وإن جنى على رجل جناية لا أرش لها بأن لطمه أو لكمه أو ضرب رأسه بحجر فزال عقله وجب عليه الدية لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب في كتاب عمرو بن حزم وفي العقل الدية ولأن العقل أشرف من الحواس لأن به يتميز الإنسان من البهيمة وبه يعرف حقائق المعلومات ويدخل في التكليف فكان بإيجاب الدية أحق وإن نقص عقله فإن كان يعرف قدر ما نقص بأن يجن يوماً ويفيق يوماً وجب عليه من الدية بقدره لأن ما وجبت فيه الدية وجب بعضها في بعضه كالأصابع وإن لم يعرف قدره بأن صار إذا سمع صيحة زال عقله ثم يعود وجبت فيه الحكومة لأنه تعذر إيجاب جزء مقدر من الدية فعدل إلى الحكومة فإن كانت الجناية لها أرش مقدر نظرت فإن بلغ الأرش قدر الدية أو أكثر لم يدخل في دية العقل ولم تدخل فيه دية العقل لما روى أبو المهلب عم أبي قلابة أن رجلاً رمى رجلاً بحجر في رأسه فذهب عقله وسمعه ولسانه ونكاحه فقضى فيه عمر رضي الله عنه بأربع ديات وهو حي وإن كان الأرش دون الدية كأرش الموضحة ونحوه ففيه قولان: قال في القديم يدخل في دية العقل لأنه معنى يزول التكليف بزواله فدخل أرش الطرف في ديته كالنفس وقال في الجديد: لا يدخل وهو الصحيح لأنه لو دخل في ديته ما دون الدية لدخلت فيها الدية كالنفس ولأن العقل في محل والجناية في محل آخر فلا يدخل أرشها في ديتها كما لو أوضح رأسه فذهب بصره وإن شهر سيفاً على صبي أو بالغ مضعوف أو صاح عليه صيحة عظيمة فزال عقله وجبت عليه الدية لأن ذلك سبب لزوال عقله وإن شهر سيفاً على بالغ متيقظ أو صاح عليه فزال عقله لم تجب