للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه الدية لأن ذلك ليس بسبب لزوال عقله.

فصل: ويجب في الشفتين الدية لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب في كتاب عمرو بن حزم في الشفتين الدية ولأن فيهما جمالاً ظاهراً ومنافع كثيرة لأنهما يقيان الفم من كل ما يؤذيه ويردان الريق وينفخ بهما ويتم بهما الكلام ويجب في إحداهما نصف الدية لأن كل شيئين وجب فيهما الدية وجب في أحدهما: نصف الدية كالعينين والأذنين وإن قطع بعضها وجب فيه من الدية بقدره كما قلنا في الأذن والمارن وإن جنى عليهما فيبستا وجبت عليه الدية لأنه أتلف منافعهما فوجبت عليه الدية كما لو جنى على يدين فشلتا فإن تقلصنا وجبت عليه الحكومة لأن منافعهما لم تبطل وإنما حدث بهما نقص.

فصل: ويجب في اللسان الدية لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب في كتاب عمرو بن حزم وفي اللسان الدية ولأن فيه جمالاً ظاهراً ومنافع فأما الجمال فإنه من أحسن ما يتجمل به الإنسان والدليل عليه ما روى محمد بن علي بن الحسين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للعباس: "أعجبني جمالك يا عم النبي" فقال يا رسول الله وما الجمال في الرجل قال: "اللسان". ويقال: المرء بأصغريه قلبه ولسانه ويقال ما الإنسان لولا اللسان إلا صورة ممثلة أو بهيمة مهملة وأما المنافع فإنه يبلغ به الأغراض ويقضى به الحاجات وبه تتم العبادات في القراءة والأذكار وبه يعرف ذوق الطعام والشراب ويستعين به في مضغ الطعام وإن جنى عليه فخرس وجبت عليه الدية لأنه أتلف عليه المنفعة المقصودة فأشبه إذا جنى على اليد فشلت أو على العين فعميت وإن ذهب بعض الكلام وجب من الدية بقدره لأن ما ضمن جميعه بالدية ضمن بعضه ببعضها كالأصابع وبقسم على حروف كلامه لأن حروف اللغات مختلفة الإعداد فإن في بعض اللغات ما عدد حروف كلامها أحد وعشرون حرفاً ومنها ما عدد حروفها ستة وعشرون وحروف لغة العرب ثمانية وعشرون حرفاً فإن كان المجني عليه يتكلم بالعربية قسمت ديته على ثمانية وعشرين حرفاً وقال أبو سعيد الأصطخري: يقسم على حروف اللسان وهي ثمانية عشر حرفاً ويسقط حروف الحلق وهي ستة الهمزة والهاء والحاء والعين والغين ويسقط حروف الشفة وهي أربعة الباء والميم والفاء والواو والمذهب الأول لأن هذه الحروف وإن كان مخرجها الحلق والشفة إلا أن الذي ينطق بها هو اللسان ولهذا لا ينطق بها الأخرس وإن ذهب حرف من

<<  <  ج: ص:  >  >>