فإن عشت فأنا ولي دمي أعفو إن شئت وإن شئت استقدت وإن مت فاقتلوه ولا تمثلوا به فإن قتل فهل يتحتم قتله فيه وجهان: أحدهما: يتحتم لأنه قتل بشهر السلاح فانحتم قتله كقاطع الطريق والثاني: لا يتحتم وهو الصحيح لقول علي كرم الله وجهه أعفوا إن شئت وإن شئت استقدت وإن سبوا الإمام أو غيره من أهل العدل عزروا لأنه محرم ليس فيه حد ولا كفارة فوجب فيه التعزيز وإن عرضوا بالسب ففيه وجهان: أحدهما: يعزرون لأنهم إذا لم يعزروا على التعريض وصرحوا وخرقوا الهيبة والثاني: لا يعزرون لما روى أبو يحيى قال: صلى بنا علي رضي الله عنه صلاة الفجر فناداه رجل من الخوارج {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[الزمر: ٦٥] فأجابه علي رضوان الله عليه وهو في الصلاة {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ}[الزمر: ٦٥] ولم يعزره.
فصل: وإن خرجت على الإمام طائفة لا منعة لها أو أظهرت رأي الخوارج كان حكمهم في ضمان النفس والمال والحدود حكم أهل العدل لأنه لا يخاف نفورهم لقلتهم وقدرة الإمام عليهم فكان حكمهم فيما ذكرناه حكم الجماعة كما لو كانوا في قبضته.
فصل: وإن خرجت طائفة من المسلمين عن طاعة الإمام بغير تأويل واستولت على البلاد ومنعت ما عليها وأخذت ما لا يجوز أخذه قصدهم الإمام وطالبهم بما منعوا ورد ما أخذوا وغرمهم ما أتلفوه بغير حق وأقام عليهم حدود ما ارتكبوا لأنه لا تأويل لهم فكلن حكمهم ما ذكرناه كقطاع الطريق.