للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القولين ولا يخاف تنفير أهل الذمة لأنا قد أمناهم على هذا القول وإن استعانوا بمن له أمان إلى مدة فعاونوهم انتقض أمانهم فإن ادعوا أنهم كانوا مكرهين ولم تكن لهم بينة على الإكراه انتقض الأمان والفرق بينهم وبين أهل الذمة في أحد القولين أن الأمان المؤقت ينتقض بالخوف من الخيانة فانتقض بالمعاونة وعقد الذمة لا ينتقض بالخوف من الخيانة فلم ينتقض بالمعاونة.

فصل: وإن ولوا فيما استولوا عليه قاضياً نظرت فإن كان ممن يستبيح دماء أهل العدل وأموالهم لهم ينفذ حكمه لأنه من شرط القضاء العدالة والاجتهاد وهذا ليس بعدل ولا مجتهد وإن كان ممن لا يستبيح دماءهم ولا أموالهم نفذ من حكمه ما ينفذ من حكم قاضي أهل العدل ورد من حكمه ما يرد من حكم قاضي أهل العدل لأن لهم تأويلاً يسوغ فيه الاجتهاد فلم ينقض من حكمه ما يسوغ فيه الاجتهاد وإن كتب قاضيهم إلى قاضي أهل العدل استحب أن لا يقبل كتابه استهانة بهم وكسرا لقلوبهم فإن قبله جاز لأنه ينفذ حكمه فجاز الحكم بكتابه كقاضي أهل العدل.

فصل: وإن استولوا على بلد وأقاموا الحدود وأخذوا الزكاة والخراج والجزية اعتد به لأن علياً كرم الله وجهه قاتل أهل البصرة ولم يلغ ما فعلوه وأخذوه ولأن ما فعلوه وأخذوه بتأويل سائغ فوجب إمضاؤه كالحاكم إذا حكم بما يسوغ فيه الاجتهاد فإن عاد البلد إلى أهل العدل فادعى من عليه الزكاة أنه دفعها إلى أهل البغي قبل قوله وهل يحلف عليه مستحباً أو واجباً فيه وجهان: ذكرناهما في الزكاة وإن ادعى من عليه الجزية أنه دفعها إليهم لم يقبل قوله لأنها عوض فلم يقبل قوله في الدفع كالمستأجر إذا ادعى دفع الأجرة وإن ادعى من عليه الخراج أنه دفعه إليهم ففيه وجهان: أحدهما: يقبل قوله لأنه مسلم فقبل قوله في الدفع كما قلنا فيمن عليه الزكاة والثاني: لا يقبل لأن الخراج ثمن أو أجرة فلم يقبل قوله في الدفع كالثمن في البيع والأجرة في الإجارة.

فصل: وإن أظهر قوم رأي الخوارج ولم يخرجوا عن قبضة الإمام لم يتعرض لهم لأن علياً كرم الله وجهه سمع رجلاً من الخوارج يقول لا حكم إلا لله تعريضاً له في التحكيم في صفين فقال كلمة حق أريد بها باطل ثم قال لكم علينا ثلاث: لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله ولا نمنعكم من الفيء ما دامت أيديكم معنا ولا نبدؤكم بقتال ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعرض للمنافقين الذين كانوا معه في المدينة فلأن لا نتعرض لأهل البغي وهم من المسلمين أولى وحكمها في ضمان النفس والمال والحد حكم أهل العدل لأن ابن ملجم جرح عليا كرم الله وجهه فقال: أطعموه واسقوه واحبسوه

<<  <  ج: ص:  >  >>