لا يجوز أخذ ماله محمد لم يجز الانتفاع بماله من غير إذنه ومن غير ضرورة كغيرهم وإن اضطر إليه جاز كما يجوز أكل مال غيره عند الضرورة.
فصل: وإن أتلف أحد الفريقين على الآخر نفساً أو مالاً في غير القتال وجب عليه الضمان لأن تحريم نفس كل واحد منهما وماله كتحريمهما قبل البغي فكان ضمانهما كضمانهما قبل البغي إن أتلف أهل العدل على أهل البغي نفساً أو مالاً في حال الحرب بحكم القتال لم يجب عليه الضمان لأنه مأمور بإتلافه فلا يلزمه ضمانه كما لو قتل من يقصد نفسه أو ماله من قطاع الطريق وإذا أتلف أهل البغي على أهل العدل ففيه قولان: أحدهما: يجب عليه الضمان لأنه أتلف عليه بعدوان فوجب عليه الضمان كما لو أتلف عليه في غير القتال والزنى لا يجب عليه الضمان وهو الصحيح لما روي عن الزهري أنه قال كانت الفتنة العظمى بين الناس وفيهم البدريون فأجمعوا على أن لا يقام حد على رجل ارتكب فرجاً حراماً بتأويل القرآن ولا يقتل رجل سفك دماً حراً بتأويل القرآن ولا يغرم مالا أتلفه بتأويل القرآن ولأنها طائفة ممتنعة بالحرب بتأويل فلم تضمن ما تتلف على الأخرى بحكم الحرب كأهل العدل ومن أصحابنا من قال القولان في غير القصاص فأما القصاص فلا يجب قولاً واحداً لأنه يسقط الشبهة ولهم في القتل شبهة.
فصل: وإن استعان أهل البغي بأهل الحرب في القتال وعقدوا لهم أماناً أو ذمة بشرط المعاونة لم ينعقد لأن من شرط الذمة والأمان أن لا يقتلوا المسلمين فلم ينعقد على شرط القتال فإن عاونوهم جاز لأهل العدل قتلهم مدبرين وجاز أن يذفف على جريحهم إن أسروا جاز قتلهم واسترقاقهم والمن عليهم والمفاداة لهم لأنه لا عهد لهم ولا ذمة فصاروا كما جاؤوا منفردين عن أهل البغي ولا يجوز شيء من ذلك لمن عاونهم من أهل البغي لأنهم بذلوا لهم الذمة والأمان فلزمهم الوفاء به وإن استعانوا بأهل الذمة فعاونوهم نظرت فإن قالوا كنا مكرهين أو ظننا أنه يجوز أن نعاونهم عليكم كما يجوز أن نعاونكم عليهم لم تنتقض الذمة لأن ما ادعوه محتمل فلا يجوز نقض العقد مع الشبهة وإن قاتلوا معهم عالمين من غير إكراه فإن كان قد شرط عليهم ترك المعاونة في عقد الذمة انتقض العهد لأنه زال شرط الذمة إن لم يشترط ذلك ففيه قولان: أحدهما: ينتقض كما لو انفردوا بالقتال لأهل العدل والثاني: لا ينتقض لأنهم قاتلوا تابعين لأهل البغي فإذا قلنا لا ينتقض عهدهم كانوا في القتال كأهل البغي لا يتبع مدبرهم ولا يدفف على جريحهم وإن أتلفوا نفساً أو مالاً في الحرب لزمهم الضمان قولا واحدا والفرق بينهم وبين أهل البغي أن في تضمين أهل البغي تنفيراً عن الرجوع إلى الطاعة فسقط عنهم الضمان في أحد