للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى يفيق". وأما السكران ففيه طريقان: من أصحابنا من قال: تصح ردته قولاً واحداً ومنهم من قال فيه قولان وقد بينا ذلك في الطلاق فأما المكره فلا تصح ردته لقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ} [النحل: ١٦] وإن تلفظ بكلمة الكفر وهو أسير لم يحكم بردته لأنه مكره وإن تلفظ بها في دار الحرب في غير الأسر حكم بردته لأن كونه في دار الحرب لا يدل على الإكراه وإن أكل لحم الخنزير أو شرب الخمر لم يحكم بردته لأنه قد يأكل ويشرب من غير اعتقاد ومن أكره على كلمة الكفر فالأفضل أن لا يأتي بها لما روى أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله عز وجل وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن توقد نار فيقذف فيها" ١. وروى حباب بن الأرت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن كان الرجل ممن كان قبلكم ليحفر له في الأرض فيجعل فيها فيجاء بمنشار فتوضع على رأسه ويشق باثنتين فلا يمنعه ذلك عن دينه ويمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم وعصب ما يصده ذلك عن دينه" ٢. ومن أصحابنا من قال: إن كان ممن يرجو النكاية في العدو أو القيام بأحكام الشرع فالأفضل له أن يدفع القتل عن نفسه ويتلفظ بكلمة الكفر لما في لقائه من صلاح المسلمين وإن كان لا يرجوا ذلك اختار القتل.

فصل: إذا ارتد الرجل وجب قتله لما روى أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث رجل كفر بعد إسلامه أو زنى بعد إحصانه أو قتل نفساً بغير نفس" ٣. فإن ارتدت امرأة وجب قتلها،


١ رواه البخاري في كتاب الإيمان باب ٩. مسلم في كتاب الإيمان حديث ٦٦. الترمذي في كتاب الإيمان باب ١٠. النسائي في كتاب الإيمان باب ٣.
٢ رواه البخاري في كتاب المناقب باب ٢٥. مسلم في كتاب البر حديث ٥٣. أبو داود في كتاب الجهاد باب ٩٧. أحمد في مسنده ٥/١٠٩.
٣ رواه البخاري في كتاب الديات باب ٦. مسلم في كتاب القسامة حديث ٢٥، ٢٦. أبو داود في كتاب الحدود باب ١. الترمذي في كتاب الحدود باب ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>