لما روى جابر رضي الله عنه أن امرأة يقال لهل أم رومان ارتدت عن الإسلام فبلغ أمرها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمر أن تستتاب فإن تابت وإلا قتلت وهل يجب أن يستتاب أو يستحب فبه قولان أحدهما: لا يجب لأنه لو قتل قبل الاستتابة لم يضمنه القاتل ولو وجبت الاستتابة لضمنه والثاني: أنها تجب لما روي أنه لمل ورد على عمر رضي الله عنه فتح تستر فسألهم هل كان من مغربة خبر؟ قالوا: نعم رجل ارتد عن الإسلام ولحق بالمشركين فأخذناه وقتلناه قال: فهلا أدخلتموه بيتا وأغلقتم عليه بابا وأطعمتموه كل يوم رغيفا واستتبتموه ثلاثا فإن تاب وإلا قتلتموه اللهم إني لم أشهد ولم آمر ولم أرض إذ بلغني ولو لم تجب الاستتابة لما تبرأ من فعلهم فإن قلنا أنه تجب الاستتابة أو تستحب ففي مدتها وجهان: أحدهما: أنها ثلاثة أيام لحديث عمر رضي الله عنه ولأن الردة لا تكون إلا عن شبهة وقد لا يزول ذلك بالاستتابة في الحال فإن تاب وإلا قتل لحديث أم رومان ولأنه استتابة من الكفر فلم تتقدر بثلاث كاستتابة الحربي وإن كان سكراناً فقد قال الشافعي رحمه الله تؤخر الاستتابة ومن أصحابنا من قال تصح الاستتابة والتأخير مستحب لأنه تصح ردته فصحت استتابته ومنهم من قال لا تصح استتابته ويجب التأخير لأن ردته لا تكون إلا عن شبهة ولا يمكن بيان الشبهة ولا إزالتها مع السكر إن ارتد ثم جن لم يقتل حتى يفيق ويعرض عليه الإسلام لأن القتل يجب بالردة والإصرار عليها والمجنون لا يوصف بأنه مصر على الردة.
فصل: وإذا تاب المرتد قبلت توبته سواء كانت ردته إلى كفر ظاهر به أهله أو إلى كفر يستتر به أهله كالتعطيل والزندقة لما روى أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله" ١. فإذا
١ رواه البخاري في كتاب الإيمان باب ٢٧، ٢٨. مسلم في كتاب الإيمان حديث ٣٢، ٣٦. أبو داود في كتاب الجهاد باب ٩٥. الترمذي في كتاب تفسير سورة ٨٨.