للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله واستقبلوا قبلتنا وصلوا صلاتنا وأكلوا ذبيحتنا فقد حرمت علينا دماءهم وأموالهم إلا بحقها ولهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كف عن المنافقين لما أظهروا من الإسلام مع ما كانوا يبطنون من خلافه فوجب أن يكف عن المعطل والزنديق لمل يظهرونه من الإسلام فإن كان المرتد ممن لا تأويل له في كفره فأتى بالشهادتين حكم بإسلامه لحديث أنس رضي الله عنه فإن صلى في دار الحرب حكم بإسلامه وإن صلى في دار الإسلام لم يحكم باسلامه لأنه يحتمل أن تكون صلاته في دار الإسلام للمراآة والتقية وفي دار الحرب لا يحتمل ذلك فدل على إسلامه وإن كان ممن يزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث الى العرب وحدها أو ممن يقول إن محمدا نبي يبعث وهو غير الذي بعث لم يصح إسلامه حتى يتبرأ مع الشهادتين من كل دين خلاف الإسلام لأنه إذا اقتصر على الشهادتين احتمل أن يكون أراد ما يعتقده وإن ارتد بجحود فرض أو استباحة محرم لم يصح إسلامه حتى يرجع عما اعتقده ويعيد الشهادتين لأنه كذب الله وكذب رسوله بما اعتقده في خبره فلا يصح إسلامه حتى يأتي بالشهادتين وإن ارتد ثم أسلم ثم ارتد ثم أسلم وتكرر منه ذلك قبل إسلامه ويعزر على تهاونه بالدين وقال أبو إسحاق: لا يقبل إسلامه إذا تكررت ردته وهذا خطأ لقوله عز وجل: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] ولأنه أتى بالشهادتين بعد الردة فحكم بإسلامه كما لو ارتد مرة ثم أسلم.

فصل: وإن ارتد ثم أقام على الردة فإن كان حراً كان قتله إلى الإمام لأنه قتل يجب لحق الله تعالى فكان إلى الإمام كقتل الزاني فإن قتله غيره بغير إذنه عزر لأنه أفتات على الإمام فإن كان عبداً ففيه وجهان: أحدهما: أنه يجوز للمولى قتله لأنه عقوبة تجب لحق الله تعالى فجاز للمولى إقامتها كحد الزنى والثاني: لا يجوز للمولى قتله لأنه حق الله عز وجل لا يتصل بحق المولى فلم يكن للمولى فيه حق بخلاف حد الزنا فإنه يتصل بحقه في إصلاح ملكه.

<<  <  ج: ص:  >  >>