للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ} [النور: ٦١] ولا يختلف أهل التفسير أنها في سورة الفتح أنزلت في الجهاد ولأنه لا يصلح للقتال فلم يجب عليه وإن كان في بصره شيء فإن كان يدرك الشخص وما يتقيه من السلاح وجب عليه لأنه يقدر على القتال وإن لم يدرك ذلك لم يجب عليه لأنه لا يقدر على القتال ويجب على الأعور والأعشى وهو الذي يبصر بالنهار دون الليل لأنه كالبصير في القتال ولا يجب على الأعرج الذي يعجز عن الركوب والمشي للآية ولأنه لا يقدر على القتال ويجب عليه إذا قدر على الركوب والمشي لأنه يقدر على القتال ولا يجب على الأقطع والأشل لأنه يحتاج في القتال إلى يد يضرب بها ويد يتقي بها وإن قطع أكثر أصابعه لم يجب عليه لأنه لا يقدر على القتال وإن قطع الأقل وجب عليه لأنه يقدر على القتال ولا يجب على المريض الثقيل للآية ولأنه لا يقدر على القتال ويجب على من به حمى خفيفة أو صداع قليل لأنه يقدر على الفتال.

فصل: ولا يجب على الفقير الذي لا يجد ما ينفق في طريقه فاضلاً عن نفقة عياله لقوله عز وجل: {وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ} [التوبة: ٩١] فإن كان القتل على باب البلد أو حواليه وجب عليه لأنه لا يحتاج إلى نفقة الطريق وإن كان على مسافة تقصر فيها الصلاة ولم يقدر على مركوب يحمله لم يجب عليه قوله عز وجل: {وَلا عَلَى الَّذِينَ إذا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} [التوبة: ٩٢] ولأنها عبادة تتعلق بقطع مسافة بعيدة فلم تجب من غير مركوب كالحج وإن بذل له الإمام ما يحتاج اليه من مركوب وجب عليه أن يقبل ويجاهد لأن ما يعطيه الإمام حق له وإن بذل له غيره لم يلزمه قبوله لأنه اكتساب مال لتجب به العبادة فلم يجب كاكتساب المال للحج والزكاة.

فصل: ولا يجب على من عليه دين حال من أن يجاهد من غير إذن غريمه لما روى أبو قتادة رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت إن قتلت في سبيل الله كفر الله خطاياي؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن قتلت في سبيل الله صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر كفر خطاياك إلا الدين كذلك قال لي جبريل" ١ ولأن فرض الدين متعين عليه فلا يجوز تركه لفرض على الكفاية يقوم عنه غيره مقامه فإن استناب من يقضيه من مال


١ رواه النسائي في كتاب الجهاد باب ٣٢. الموطأ في كتاب الجهاد حديث ٣١. الدارمي في كتاب الجهاد باب ٢٠. أحمد في مسنده ٢/٣٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>