أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ويجوز للمرأة من ذلك ما يجوز للرجل لما روى ابن عباس رضي الله عنه عن أم هانئ رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله يزعم ابن أمي أنه قاتل من أجرت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد أجرت من أجرت يا أم هانئ". ويجوز ذلك للعبد لما روى عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يجير على المسلمين أدناهم" ١. وروى فضل بن يزيد الرقاشي قال: جهز عمر بن الخطاب رضي الله عنه جيشاً كنت فيه فحصرنا قرية من قرى رام هرمز فكتب عبد منا أمانا في صحيفة وشدها مع سهم ورمى بها إليهم فأخذوها وخرجوا بأمانة فكتب بذلك الى عمر رضي الله عنه فقال العبد المسلم رجل من المسلمين ذمته منهم ولا يصح ذلك من صبي ولا مجنون ولا مكره لأنه عقد فلم يصح منهم كسائر العقود فإن دخل مشرك على أمان واحد منهم فإن عرف أن أمانه لا يصح حل قتله لأنه حربي ولا أمان له وإن لم يعرف أن أمانه لا يصح فلا يحل قتله إلى أن يرجع الى مأمنه لأنه دخل على أمان ويصح الأمان بالقول وهو أن يقول أمنتك أو أجرتك أو أنت آمن أو مجار أولا بأس عليك أولا خوف عليك أولا تخف أو مترس بالفارسية وما أشبه ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن" وقال لأم هانئ: "قد أجرت من أجرت" وقال أنس لعمر رضي الله عنه في قصة هرمز أن ليس لك إلا قتله من سبيل قلت له تكلم لا بأس عليك فأمسك عمر وروى زر عن عبد الله أنه قال: إن الله يعلم كل لسان فمن أتى منكم أعجميا وقال مترس فقد أمنه ويصح الأمان بالإشارة لما روى أبو سلمة قال: قال عمر رضي الله عنه: والذي نفس عمر بيده لو أن أحدكم أشار بأصبعه إلى مشرك ثم نزل إليه على ذلك ثم قتله لقتلته فإن أشار إليه الأمان ثم قال لم أرد الأمان قبل قوله لأنه أعرف بمل أراده وبعرف المشرك أنه لا أمان له ولا يتعرض له إلى أن يرجع الى مأمنه لأنه دخل على أنه آمن وإن أمن مشركاً فرد الأمان لم يصح الأمان لأنه إيجاب حق لغيره بعقد فلم يصح مع الرد كالإيجاب في البيع والهبة وإن أمن أسيراً لم يصح الأمان لأنه يبطل ما ثبت الإمام فيه من الخيار بين القتل والاسترقاق والمن والفداء وإن قال كنت أمنته قبل الأسر لم يقبل قوله لأنه لا يملك عقد الأمان في هذه الحال فلم يقبل إقراره به.
فصل: وإن أسر امرأة حرة أو صبياً حراً رق بالأسر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قسم سبي بني
١ رواه ابن ماجه في كتاب الديات باب ٣١. أبو داود في كتاب الديات باب ١١. الدارمي في كتاب السير باب ٥٨. أحمد في مسنده ٢/٣٦٥.