المصطلق واصطفى صفية من سبي خيبر وقسم سبي هوازن ثم استنزلته هوازن فنزل واستنزا الناس فنزلوا وإن أسر حر بالغ من أهل القتال فللإمام أن يختار ما يرى من القتل أو الاسترقاق والمن والفداء فإن رأى القتل قتل لقوله عز وجل:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قتل يوم بدر ثلاثة من المشركين من قريش مطعم بن عدي والنضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط وقتل يوم أحد أبا عزة الجمحي وقتل يوم الفتح ابن خطل وإن رأى المن عليه جاز لقوله عز وجل: {فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} ولأن النبي صلى الله عليه وسلم من على أبي عزة الجمحي ومن على ثمامة الحنفي ومن على أبي العاص ابن الربيع وإن رأى أن يفادي بمال أو بمن أسرى من المسلمين فادى به لقوله عز وجل: {فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} وروى عمران بن الحصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم فادى أسيراً من عقيل برجلين من أصحابه أسرتهما ثقيف وإن رأى أن يسترقه فإن كان من غير العرب نظرت فإن كان ممن له كتاب أوشبه كتاب استرقه لما روي عن ابن عباس أنه قال في قوله عز وجل: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} وذلك يوم بدر والمسلمين يومئذ قليل فلما كثروا واشتد سلطانهم أمر الله عز وجل في الأسارى فإما منا بعد وإما فداء فجعل الله سبحانه وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين في أمر الأسارى بالخيار إن شاءوا قتلوا وإن شاءوا استعبدوهم وإن شاءوا فادوهم فإن كان من عبدة الأوثان ففيه وجهان أحدهما: وهو قول أبي سعيد الإصطخري أنه لا يجوز استرقاقهم لأنه لا يجوز إقراره على الكفر بالجزية فلم يجز الاسترقاق كالمرتد والثاني: أنه يجوز لما رويناه عن ابن عباس ولأن من جاز المن عليه في الأسر جاز استرقاقه كأهل الكتاب وإن كان من العرب ففيه قولان قال في الجديد يجوز استرقاقه والمفاداة به وهو الصحيح لأن من جاز المن عليه والمفاداة به من الأسارى جاز استرقاقه كغير الغرب وقال في القديم لا يجوز استرقاقه لما روى معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين لو كان استرقاق ثابتاً على العرب لكان اليوم وإنما هو أسر وفداء فإن تزوج عربي بأمة فأتت منه بولد فعلى القول الجديد الولد مملوك وعلى القديم الولد حر ولا ولاء عليه لأنه حر من الأصل.
فصل: ولا يختار الإمام في الأسير من القتل والاسترقاق والمن والفداء إلا ما فيه