الحظ للإسلام والمسلمين لأنه ينظر لهما فلا يفعل إلا ما فيه الحظ لهما فان بذل الأسير الجزية وطلب أن تعقد له الذمة وهو ممن يجوز أن تعقد له الذمة ففيه وجهان: أحدهما: أنه يجب قبولها كما يجب إذا بذل وهو في غير الأسر وهو ممن يجوز أن تعقد لمثله الذمة والثاني: أنه لا يجب لأنه يسقط بذلك ما ثبت من اختيار القتل والاسترقاق والمن والفداء وإن قتله مسلم قبل أن يختار الإمام ما يراه عزر القاتل لا فتياته على الإمام ولا ضمان عليه لأنه حربي لا أمان له وإن أسلم حقن دمه لقوله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله الا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالكم إلا بحقها". وهل يرق الإسلام أو يبقى الخيار فيه بين الاسترقاق والمن والفداء فيه قولان: أحدهما: أنه يرق بنفس الإسلام ويسقط الخيار في الباقي لأنه أسير لا يقتل فرق الصبي والمرأة والثاني: أنه لا يرق بل يبق الخيار في الباقي لما روى عمران بن الحصين رضي الله عنه أن الأسير العقيلي قال: يا محمد إني مسلم ثم فاداه برجلين ولأن ما ثبت الخيار فيه بين أشياء إذا سقط أحدهما: لم يسقط الخيار في الباقي ككفارة اليمين إذا عجز فيها عن العتق فعلى هذا اذا اختار الفداء لم يجز أن يفادى به إلا أن يكون له عشيرة يأمن معهم على دينه ونفسه وإن أسر شيخ لا قتال فيه ولا رأي له في الحرب فإن قلنا أنه يجوز قتله فهو كغيره في الخيار بين القتل والاسترقاق والمن والفداء وإن قلنا لا يجوز قتله فهو كغيره إذا أسلم في الأسر وقد بيناه.
فصل: وإن رأى الإمام القتل ضرب عنقه لقوله عز وجل: {فَإذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} ولا يمثل به لما روى بريدة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميراً على جيش أو سرية قال: "اغزوا بسم الله قاتلوا من كفر بالله ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تغلوا". ويكره حمل رأس من قتل من الكفار الى بلاد المسلمين لما روى عقبة بن عامر أن شرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص بعثا بريداً إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه برأس بناق البطريق فقال أتحملون الجيف الى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت يا خليفة رسول الله إنهم يفعلون بنا هكذا قال لا تحملوا منهم إلينا شيئا وإن اختار استرقاقه كان للغانمين وإن فاداه بمال كان للغانمين وإن أراد أن يسقط منهم شيئاً من المال لم يجز الا برضا الغانمين لما روى عروة بن الزبير أن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة أخبراه أن