كان ممن يرضخ له كالصبي والمرأة والكافر إذا حضر بالإذن ففيه وجهان: أحدهما: أنه لا يستحق لما ذكرناه والثاني: أنه يستحق لأن له حقاً في الغنيمة فأشبه من له سهم وإن لم يغرر بنفسه في قتله بأن رماه من وراء الصف فقتله لم يستحق سلبه وإن قتله وهو غير مقبل على الحرب كالأسير والمثخن والمنهزم لم يستحق سلبه وقال أبو ثور: كل مسلم قتل مشركاً استحق سلبه لما روى أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل كافرا فله سلبه" ١. ولم يفصل وهذا لا يصح لأن ابن مسعود رضي الله عنه قتل أبا جهل وكان قد أثخنه غلامان من الأنصار فلم يدفع النبي صلى الله عليه وسلم سلبه إلى ابن مسعود وإن قتله وهو مول ليكر استحق السلب لأن الحرب كر وفر وإن اشترك اثنان في القتل اشتركا في السلب لاشتراكهما في القتل وإن قطع أحدهما: يديه أو رجليه وقتله الآخر ففيه قولان: أحدهما: أن السلب للأول لأنه عطله والثاني: أن السلب للثاني لأنه هو الذي كف شره دون الأول لأن بعد قطع اليدين يمكنه أن يعدو أو يجلب وبعد قطع الرجلين يمكنه أن يقاتل إذا ركب وإن غرر من له سهم فأسر رجلاً مقبلاً على الحرب وسلمه الى الإمام حياً ففيه قولان: أحدهما: لا يستحق سلبه لأنه لم يكف شره بالقتل والثاني: أنه يستحق لأن تغريره بنفسه في أسره ومنعه من القتال أبلغ من القتل وإن من عليه الإمام أو قتله استحق الذي أسره سلبه وإن استرقه أو فاداه بمال بمال ففي رقبته وفي المال المفادي به قولان: أحدهما: أنه للذي أسره والثاني: أنه لا يكون له لأنه مال حصل بسبب تغريره فكان فيه قولان كالسلب.
فصل: والسلب ما كان يده عليه من جنة الحرب كالثياب التي يقاتل فيها والسلاح الذي يقاتل فيه والمركوب الذي يقاتل عليه فأما ما لا بد له عليه كخيمته وما في رجله من السلاح والكراع فلا يستحب سلبه لأنه ليس من السلب وأما ما في يده مما لا يقاتل به كالطوق والمنطقة والسوار والخاتم وما في وسطه من النفقة ففيه قولان: أحدهما: أنه ليس من السلب لأنه ليس من جنة الحرب والثاني: أنه من السلب لأن يده عليه فهو كجنة الحرب ولا يخمس السلب لما روى عوف بن مالك وخالد بن الوليد رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في السلب للقاتل ولم يخمس السلب.
١ رواه أبو داود في كتاب الجهاد باب ١٣٦. الدارمي في كتاب السير باب ٤٣. أحمد في مسنده ٣/١١٤.