للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل: وإن حاصر قلعة ونزل أهلها على حكم حاكم جاز لأن بني قريظة نزلوا على حكم سعد بن معاذ فحكم بقتل رجالهم وسبي نسائهم وذراريهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد حكمت فيهم بحكم الله تعالى من فوق سبعة أرقعة" ١. ويجب أن يكون الحاكم حراً مسلماً ذكراً بالغاً عاقلاً عدلاً عالماً لأنه ولاية حكم فشرط فيها هذه الصفات كولاية القضاء ويجوز أن يكون أعمى لأن الذي يقتضي الحكم هو الذي يشتهر من حالهم والذي يدرك بالسماع فصح من الأعمى كالشهادة فيما طريقه الاستفاضة ويكره أن يكون الحاكم حسن الرأي فيهم لميله إليهم ويجوز حكمه لأنه عدل في الدين وإن نزلوا على حكم حاكم يختاره الإمام جاز لأنه لا يختار الإمام إلا من يجوز حكمه وإن نزلوا على حكم من يختارونه لم يجز إلا أن يشترط أن يكون الحاكم على الصفات التي ذكرناها وإن نزلوا على حكم اثنين جاز لأنه تحكيم في مصلحة طريقها الرأي فجاز أن يجعل إلى اثنين كالتحكيم في اختيار الإمام وإن نزلوا على حكم مثلاً يجوز أن يكون حاكماً أو على حكم من يجوز أن يكون حاكماً فمات أو على حكم اثنين فماتا أو مات أحدهما: وجب ردهم إلى القلعة لأنهم نزلوا على أمان فلا يجوز أخذهم إلا برضاهم ولا يحكم الحاكم إلا بما فيه مصلحة المسلمين من القتل والاسترقاق والمن والفداء وإن حكم بعقد الذمة وأخذ الجزية ففيه وجهان: أحدهما: أنه لا يجوز إلا برضاهم لأنه عقد معاوضة فلا يجوز من غير رضاهم والثاني: يجوز لأنهم نزلوا على حكمه وإن حكم أن من أسلم منهم استرق ومن أقام على الكفر قتل جاز وإن حكم بذلك ثم أراد أن يسترق من حكم بقتله لم يجز لأنه لم ينزل على هذا الشرط وإن حكم عليهم بالقتل ثم رأى هو أو الإمام أن يمن عليهم جاز لأن سعد بن معاذ رضي الله عنه حكم بقتل رجال بني قريظة فسأل ثابت الأنصاري رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهب له الزبير بن باطا اليهودي ففعل فإن حكم باسترقاقهم لم يجز أن يمن عليهم إلا برضا الغانمين لأنهم صاروا مالاً لهم.

فصل: ومن أسلم من الكفار قبل الأسر عصم دمه وماله لما روى عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها". فإن كانت له منفعة بإجارة لم تملك عليه لأنها كالمال وإن كانت له زوجة جاز استرقاقها على المنصوص ومن أصحابنا من قال: لا يجوز كما


١ رواه البخاري في كتاب الجهاد باب ١٦٨. مسلم في كتاب الجهاد حديث ٦٥. أحمد في مسنده ٣/٢٢، ٦/١٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>