الفيء بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال في أحد القولين: يصرف في المصالح لأنه مال راتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فصرف بعد موته في المصالح كخمس الخمس فعلى هذا يبدأ بالأهم وهو سد الثغور وأرزاق المقاتلة ثم الأهم فالأهم وقال في القول الثاني هو للمقاتلة لأن ذلك كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان فيه من حفظ الإسلام والمسلمين ولما كان له في قلوب الكفار من الرعب وقد صار ذلك بعد موته في المقاتلة فوجب أن يصرف إليهم.
فصل: وينبغي للإمام أن يضع ديواناً يثبت فيه أسماء المقاتلة وقدر أرزاقهم لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قدمت على عمر رضي الله عنه من عند أبي موسى الأشعري بثمانمائة ألف درهم فلما صلى الصبح اجتمع إليه نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم: قد جاء للناس مال لم يأتهم مثله منذ كان الإسلام أشيروا علي بمن أبدأ منهم فقالوا: بك يا أمير المؤمنين إنك ولي ذلك قال: لا ولكن أبدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الأقرب فالأقرب إليه فوضع الديوان على ذلك ويستحب أن يجعل على كل طائفة عريفاً لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل عام خيبر على كل عشرة عريفاً ولأن في ذلك مصلحة وهو أن يقوم التعريف بأمورهم ويجمعهم في وقت العطاء وفي وقت الغزو ويجعل العطاء في كل عام مرة أو مرتين ولا يجعل في كل شهر ولا في كل أسبوع لأن ذلك يشغلهم عن الجهاد.
فصل: ويستحب أن يبدأ بقريش لقوله صلى الله عليه وسلم: "قدموا قريشاً ولا تتقدموها" ولأن النبي صلى الله عليه وسلم منهم فإنه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر ابن كنانة واختلف الناس في قريش فمنهم من قال: كل من ينتسب إلى فهر بن مالك فهو من قريش ومنهم من قال: كل من ينتسب إلى النضر بن كنانة فهو من قريش ويقدم من قريش بني هاشم لأنهم أقرب قبائل قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويضم إليهم بنو المطلب لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد". وشبك بين أصابعه وعن عمر رضي الله عنه أنه قال: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيهم فإذا كان السن في الهاشمي قدمه على المطلبي وإذا كان في المطلبي قدمه على الهاشمي ثم يعطي بني عبد شمس وبني نوفل وبني عبد مناف ويقدم بني عبد شمس على بني نوفل لأن عبد شمس أقرب إليه لأنه أخو هاشم من أبيه وأمه ونوفل أخوف من أبيه وأنشد آدم بن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز: