ثم يعطي بني عبد العزى وبني عبد الدار ويقدم عبد العزى على عبد الدار لأن فيهم أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن خديجة بنت خويلد منهم ولأن فيهم من حلف المطيبين وحلف الفضول وهما حلفان كانا من قوم من قريش اجتمعوا فيهما على نصر المظلوم ومنع الظالم وروت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"شهدت حلف الفضول ولو دعيت إليه لأجبت". وعلى هذا يعطي الأقرب فالأقرب حتى تنقضي قريش فإن استوى اثنان في القرب قدم أسنهما لما رويناه من حديث عمر في بني هاشم وبني المطلب فإن استويا في السن قدم أقدمهما هجرة وسابقة فإذا انقضت قريش قدم الأنصاري على سائر العرب لما لهم من السابقة والآثار الحميدة في الإسلام ثم يقسم على سائر العرب ثم يعطي العجم ولا يقدم بعضهم على بعض إلا بالسن والسابقة دون النسب.
فصل: ويقسم بينهم على قدر كفايتهم لأنهم كفوا المسلمين أمر الجهاد فوجب أن يكفوا أمر النفقة ويتعاهد الإمام في وقت العطاء عدد عيالهم لأنه قد يزيد وينقص ويتعرف الأسعار وما يحتاجون إليه من الطعام والكسوة لأنه قد يغلو ويرخص ليكون عطيتهم على قدر حاجتهم ولا يفضل من سبق إلى الإسلام أو إلى الهجرة على غيره لأن الاستحقاق بالجهاد قد تساووا في الجهاد فلم يفضل بعضهم على بعض كالغانمين في الغنيمة.
فصل: ولا يعطي من الفيء صبي ولا مجنون ولا عبد ولا امرأة ولا ضعيف لا يقدر على القتال لأن الفيء للمجاهدين وليس هؤلاء من أهل الجهاد وإن مرض مجاهد فإن كان مرضاً يرجى زواله أعطي لأن الناس لا يخلون من عارض مرض وإن كان مرضاً لا يرجى زواله سقط حقه من الفيء لأنه خرج عن أن يكون من المجاهدين وإن مات المجاهد وله ولد صغير أو زوجة ففيه قولان: أحدهما: أنه لا يعطي ولده ولا زوجته من الفيء شيئاً لأن ما كان يصل إليهما على سبيل التبع لمن يعولهما وقد زال الأصل وانقطع التبع والثاني: أنه يعطى الولد إلى أن يبلغ وتعطى الزوجة إلى أن تتزوج ولأن في ذلك مصلحة فإن المجاهد إذا علم أنه يعطى عياله بعد موته توفر على الجهاد وإذا علم أنه لا