للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجل: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالله وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ الله وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩] تخص أهل الكتاب بالجزية فدل على أنهم لا تؤخذ من غيرهم ويجوز أخذها من أهل الكتابين وهم اليهود والنصارى للآية ويجوز أخذها ممن بدل منهم دينه لأنه وإن لم تكن لهم حرمة بأنفسهم فلهم حرمة بآبائهم ويجوز أخذها من المجوس لما روى عبد الرحمن ابن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب". وروى أيضاً عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر واختلف قول الشافعي رحمه الله هل كان لهم كتاب أم لا؟ فقال فيه قولان: أحدهما: أنه لم يكن لهم كتاب والدليل عليه قوله عز وجل: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ} [الأنفال: ١٥٥ - ١٥٦] والثاني: أنه كان لهم كتاب والدليل عليه ما روي عن علي كرم الله وجه أنه قال كان لهم علم يعلمونه وكتاب يدرسونه وإن ملكهم سكر فوقع على ابنته أو أخته فاطلع عليه بعض أهل مملكته فجاءوا يقيمون عليه الحد فامتنع فرفع الكتاب من بين أظهرهم وذهب العلم من صدورهم.

فصل: وإن دخل وثني في دين أهل الكتاب نظرت فإن دخل قبل التبديل أخذت منه الجزية وعقدت له الذمة لأنه دخل في دين حق وإن دخل بعد التبديل نظرت فإن دخل في دين من بدل لم تؤخذ منه الجزية لم تعقد له الذمة لأنه دخل في دين باطل وإن دخل في دين من لم يبدل فإن كان ذلك قبل النسخ بشريعة بعده أخذت منه الجزية لأنه دخل في حق وإن كان بعد النسخ بشريعة بعده لم تؤخذ منه الجزية وقال المزني رحمه الله تؤخذ منه ووجهه أنه دخل في دين يقر عليه أهله وهذا خطأ لأنه دخل في دين باطل فلم تؤخذ منه الجزية كالمسلم إذا ارتد وإن دخل في دينهم ولم يعلم أنه دخل في دين من بدل أوفي دين من لم يبدل كنصارى العرب وهم بهراء وتنوخ وتغلب أخذت منهم الجزية لأن عمر رضي الله عنه أخذ منهم الجزية باسم الصدقة ولأنه أشكل أمره

<<  <  ج: ص:  >  >>