يؤمن أن لا يحصل من بعد الضيافة مقدرا الدينار ولا تشترط الضيافة إلا على غني أو متوسط وأما الفقير فلا تشترط عليه وإن وجبت عليه الجزية لأن الضيافة تتكرر فلا يمكنه القيام بها ويجب أن تكون أيام الضيافة من السنة معلومة وعدد من يضاف من الفرسان والرجالة وقدر الطعام والأدم العلوفة معلوماً ولأنه من الجزية فلم يجز مع الجهل بها ولا يكلفون إلا من طعامهم وإدامهم لما روى أسلم أن أهل الجزية من أهل الشام أتوا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالوا: إن المسلمين إذا مروا بنا كلفونا ذبح الغنم والدجاج في ضيافتهم فقال: أطعموهم مما تأكلون ولا تزيدوهم على ذلك ويقسط ذلك على قدر جزيتهم ولا تزاد أيام الضيافة على ثلاثة أيام لما روي أن الني صلى الله عليه وسلم قال: "الضيافة ثلاثة أيام". وعليهم أن يسكنوهم في فضول مساكنهم وكنائسهم لما روى عبد الرحمن بن غنم في الكتاب الذي كتب على نصارى الشام وشرطنا أن لا نمنع كنائسنا أن ينزلها أحد من المسلمين من ليل ونهار وأن توسع أبوابها للمارة وأبناء السبيل فإن كثروا وضاق المكان قدم من سبق فإذا جاءوا في وقت واحد أقرع بينهم لتساويهم وإن لم تسعهم هذه المواضع نزلوا في فضول بيوت الفقراء من غير ضيافة.
فصل: ولا تؤخذ الجزية من صبي لحديث معاذ قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آخذ من كل حالم ديناراً أو عدله معافرياً ولأن الجزية تجب لحقن الدم والصبي محقون الدم وإن بلغ صبي من أولاد أهل الذمة فهو في أمان لأنه كان في الأمان فلا يخرج منه من غير عناد فإن اختار أن يكون في الذمة ففيه وجهان: أحدهما: أنه يستأنف له عقد الذمة لأن العقد الأول كان للأب دونه فعلى هذا جزيته على ما يقع عليه التراضي والثاني: لا يحتاج إلى استئناف عقد لأنه تبع الأب في الأمان فتبعه في الذمة فعلى هذا يلزمه جزية أبيه وجده من الأب ولا يلزمه جزية جده من الأم لأنه لا جزية على الأم فلا يلزمه جزية أبيها.
فصل: ولا تؤخذ الجزية من مجنون لأنه محقون الدم فلا تؤخذ منه الجزية كالصبي وإن كان يجن يوماً ويفيق يوماً لفق أيام الإفاقة فإذا بلغ قدر سنة أخذت منه الجزية لأنه ليس تغليب أحد الأمرين بأولى من الآخر فوجب التلفيق وإن كان عاقلاً في أول الحول ثم جن في أثنائه وأطبق الجنون ففي جزية ما مضى من أول الحول قولان كما قلنا فيمن مات أو أسلم في أثناء الحول.