فصل: ولا تؤخذ الجزية من امرأة لما روى أسلم أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أمراء الجزية أن لا تضربوا الجزية على النساء ولا تضربوا إلى على من جرت عليه الموسى ولأنها محقونة الدم فلا تؤخذ منها الجزية كالصبي ولا تؤخذ من الخنثى المشكل لجواز أن يكون امرأة وإن طلبت امرأة من دار الحرب أن تعقد لها الذمة وتقيم في دار الإسلام من غير جزية جاز لأنه لا جزية عليها ولكن يشترط عليها أن تجري عليها أحكام الإسلام وإن نزل المسلمون على حصن فيه نساء بلا رجال فطلبن عقد الذمة بالجزية ففيه قولان: أحدهما: أنه لا يعقد لهن لأن دماءهن محقونة فعلى هذا يقيمون حتى يفتحوا الحصن ويستبقوهن والثاني: أنه يجوز أن يعقد لهن الذمة وتجري عليهن أحكام المسلمين كما قلنا في الحربية إذا طلبت عقد الذمة فعلى هذا لا يجوز سبيهن وما بذلن من الجزية كالهدية وإن دفعن أخذ منهن وإن امتنعن لم يخرجن من الذمة.
فصل: ولا يؤخذ من العبد ولا من السيد بسببه لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال لا جزية على مملوك لأنه لا يقتل بالكفر فلم تؤخذ منه الجزية كالصبي والمرأة ولا تؤخذ ممن نصفه حر ونصفه عبد لأنه محقون الدم فلم تؤخذ منه الجزية كالعبد ومن أصحابنا من قال فيه وجه آخر أنه يؤخذ منه بقدر ما فيه من الجزية لأنه يملك المال بقدر ما فيه من الحرية وإن أعتق العبد نظرت فإن كان المعتق مسلماً عقدت له الذمة بما يقع عليه التراضي من الجزية وإن كان ذمياً ففيه وجهان: أحدهما: أنه يستأنف له عقد الذمة بما يقع عليه التراضي من الجزية لأن عقد المولى كان له دون العبد والثاني: يلزمه جزية المولى لأنه تبعه في الأمان فلزمه جزيته.
فصل: وفي الراهب والشيخ الفاني قولان بناء على القولين في قتلهما فإن قلنا يجوز قتلهما أخذت منهما الجزية ليحقن بها دمهما وإن قلنا إنه لا يجوز قتلهما لم تؤخذ منهما لأن دمهما محقون فلم تؤخذ منهما الجزية كالصبي والمرأة وفي الفقير الذي لا كسب له قولان: أحدهما: أنه لا تجب عليه الجزية لأن عمر رضي الله عنه جعل أهل الجزية طبقات وجعل أدناهم الفقير المعتمل فدل على أنها لا تجب على غير المعتمل ولأنه إذا لم يجب خراج الأرض في أرض لا نبات لها لم يجب خراج الرقاب في رقبة لا