موضع: ومن خفيت عليه الدلائل فهو كالأعمى أراد به كالأعمى في أنه يصلي ويعيد كالأعمى لا أنه يقلد وقال أبو العباس: إن ضاق الوقت قلد وإن اتسع الوقت لم يقلد وعليه تأول قول الشافعي رحمه الله وقال المزني وغيره: المسألة على قولين وهو الأصح: أحدهما يقلد وهو اختيار المزني لأنه خفيت عليه الدلائل فهو كالأعمى والثاني لا يقلد لأنه يمكنه التوصل بالاجتهاد.
فصل: فأما في شدة الخوف والتحام القتال فيجوز أن يترك القبلة إذا اضطر إلى تركها ويصلي حيث أمكنه لقوله عز وجل: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً}[البقرة: ٢٣٩] قال ابن عمر رضي الله عنه: مستقبلي القبلة وغير مستقبلها أو لأنه فرض اضطر إلى تركه فصلى مع تركه كالمريض إذا عجز عن القيام وأما النافلة فينظر فيها فإن كانت في السفر وهو على دابة نظرت فإن كان يمكنه أن يدور على ظهرها كالعمارية والمحمل الواسع لزمه أن يتوجه إلى القبلة لأنها كالسفينة وإن لم يمكنه ذلك جاز أن يترك القبلة ويصلي عليها حيث توجه لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته في السفر حيثما توجهت به ويجوز ذلك في السفر الطويل والقصير لأنه أجيز حتى لا ينقطع عن السير وهذا موجود في السفر القصير والطويل ثم ينظر فيه فإن كان واقفاً نظرت فإن كان في قطار لا يمكنه أن يدير الدابة إلى القبلة صلى حيث توجه وإن كان منفرداً لزمه أن يدير رأسها إلى القبلة لأنه لا مشقة عليه في ذلك وإن كان سائراً فإن كان في قطار أو منفرداً والدابة حرون يصعب عليه إدارتها صلى حيث توجه وإن كان سهلاً ففيه وجهان: أحدهما يلزمه أن يدير رأسها إلى القبلة في حال الإحرام لما روى أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في السفر وأراد أن يصلي على راحلته استقبل القبلة وكبر ثم صلى حيث توجهت به والمذهب أنه لا يلزمه أن يشق إدارة البهيمة في حال السير وإن صلى على الراحلة متوجهاً إلى مقصده فعدلت البهيمة إلى جهة أخرى نظرت فإن كانت جهة القبلة جاز لأن الأصل في فرضه جهة القبلة وإذا عدلت إليه فقد أتى بالأصل وإن لم تكن جهة القبلة فإن كان ذلك باختياره مع العلم بطلت صلاته لأنه ترك القبلة لغير عذر وإن نسي أنه في الصلاة أو ظن أن ذلك طريق