للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلده أو غلبته الدابة لم تبطل صلاته فإذا علم رجع إلى جهة القصد قال الشافعي رحمه الله: وسجد للسهو وإن كان المسافر ماشياً جاز أن يصلي النافلة حيث توجه كالراكب لأن الراكب أجيز له ترك القبلة حتى لا ينقطع عن الصلاة في السفر وهذا المعنى موجود في الماشي غير أنه يلزم أن يحرم ويركع ويسجد على الأرض مستقبل القبلة لأنه يمكنه أن يأتي بذلك من غير أن ينقطع عن السير وإن دخل الراكب أو الماشي إلى البلد الذي يقصد وهو في الصلاة أتم صلاته إلى القبلة وإن دخل إلى بلد في طريقه جاز أن يصلي حيث توجه ما لم يقطع السير لأنه باق على السير وأما إذا كانت النافلة في الحضر لم يجز أن يصليها إلى غير القبلة وقال أبو سعيد الاصطخري رحمه الله: يجوز لأنه إنما رخص في السفر حتى لا ينقطع عن التطوع وهذا موجود في الحضر والمذهب الأول لأن الغالب من حال الحاضر اللبث والمقام فلا مشقة عليه في استقبال القبلة.

فصل: والمستحب لمن يصلي إلى سترة أن يدنو منها لما روى سهل بن خيثمة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها حتى لا يقطع الشيطان عليه صلاته١" والمستحب أن يكون بينه وبينها قدر ثلاثة أذرع لما روى سهل بن سعد الساعدي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بينه وبين القبلة قدر ممر العنز وممر العنز قدر ثلاثة أذرع فإن كان يصلي في موضع ليس فيه بين يديه بناء فالمستحب أن ينصب بين يديه عصاً لما روى أبو جحيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في حلة له حمراء فركز عنزة فجعل يصلي إليها بالبطحاء يمر الناس من ورائها والكلب والحمار والمرأة والمستحب أن يكون ما يستره قدر مؤخرة الرحل لما روى طلحة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبالي من مر وراء ذلك٢" قال عطاء: مؤخرة الرحل ذراع فإن لم يجد عصاً فليخط بين يديه خطاً إلى القبلة لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً فإن لم يجد شيئاً فلينصب عصاً فإن لم يجد عصاً فليخط خطاً ولا يضره ما مر بين يديه٣" ويكره أن يصلي وبين يديه رجل يستقبله بوجه لما روي أن


١ رواه البخاري في كتاب الصلاة باب ٩٠ أبو داود في كتاب الصلاة باب ١٠٦ الترمذي في كتاب المواقيت باب ١٢٣. الموطأ في كتاب السفر حديث ٤٢. أحمد في مسنده "٤/٢".
٢ رواه مسلم في كتاب الصلاة حديث ٢٤١ -٢٤٤. أبو داود في كتاب الصلاة باب ١٠١. الترمذي في كتاب الصلاة باب ١٣٣. النسائي في كتاب القبلة باب ٠٤ أحمد في مسنده "١/٣٧٦، ٣٩٦".
٣ رواه ابن ماجه في كتاب الإقامة باب ٣٦. أحمد في مسنده "٢/٢٤٩، ٢٥٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>