رأيت علياً كرم الله وجهه على المنبر وبصر بمجوسي فنزل فضربه وأخرجه من باب كندة فإن استأذن في الدخول فإن كان لنوم أو أكل لم يأذن له لأنه يرى ابتذاله تديناً فلا يحميه من أقذاره وإن كان لسماع قرآن أو علم فإن كان ممن يرجى إسلامه أذن له لقوله عز وجل:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ الله}[التوبة: ٦] لأنه ربما كان سبباً لإسلامه وقد روي أن عمر رضي الله عنه سمع أخته تقرأ طه فأسلم وإن كان جنباً ففيه وجهان: أحدهما: أنه يمنع من المقام فيه لأنه إذا منع المسلم إذا كان جنباً فلأن يمنع المشرك أولى والثاني: أنه لا يمنع لأن المسلم يعتقد تعظيمه فمنع والمشرك لا يعتقد تعظيمه فلم يمنع وإن وفد قوم من الكفار ولم يكن للإمام موضع ينزلهم فيه جاز أن ينزلهم في المسجد لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أنزل سبي بني قريظة والنضير في مسجد المدينة وربط ثمامة بن أثال في المسجد.
فصل: ولا يمكن حربي من دخول دار الإسلام من غير حاجة لأنه لا يؤمن كيده ولعله يدخل للتجسيس أو شارء سلاح فإن استأذن في الدخول لأداء رسالة أو عقد ذمة أو خدنة أو حمل ميرة وللمسلمين إليها حاجة جاز الإذن له من غير عوض لأن في ذلك مصلحة للمسلمين وإذا انقضت حاجته لم يمكن من المقام فإن دخل من غير ذمة ولا أما فللإمام أن يختار ما يراه من القتل والاسترقاق والمن والفداء والدليل عليه ما روى ابن عباس في فتح مكة ومجيء أبي سفيان مع العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمر دخل وقال يا رسول الله هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه من غير عقد ولا عهد فدعني أضرب عنقه فقال العباس: يا رسول الله إني قد أجرته ولأنه حربي لا أمان له فكان حكمه ما ذكرناه كالأسير وإن دخل وادعى أنه دخل لرسالة قبل قوله لأنه يتعذر إقامة البينة على الرسالة وإن ادعى أنه دخل بأمان مسلم ففيه وجهان: أحدهما: أنه لا يقبل قوله لأنه لا يتعذر إقامة البينة على الأمان والثاني: أنه يقبل قوله وهو ظاهر المذهب لأن الظاهر أنه لا يدخل من غير أمان وإن أراد الدخول لتجارة ولا حاجة للمسلمين إليها لم يؤذن له إلا بمال يؤخذ من تجارته لأن عمر رضي الله عنه أخذ العشر من أهل الحرب ويستحب أن لا ينقص عن ذلك اقتداء بعمر رضي الله عنه فإن نقص باجتهاده جاز لأن أخذه باجتهاده فكان تقديره إليه ولا يؤخذ ما يشترط على الذمي في دخول الحجاز في السنة إلا مرة كما لا