لا يصير مقيماً بالثلاثة ويصير مقيماً بما زاد وإن أقام في موضع ثلاثة أيام ثم انتقل إلى موضع آخر وأقام ثلاثة أيام ثم كذلك ينتقل من موضع إلى موضع ويقيم في كل موضع ثلاثة أيام جاز لأنه لم يصر مقيماً في موضع ولا يمنع من ركوب بحر الحجاز لأنه ليس بموضع للإقامة ويمنع من المقام في سواحله والجزائر المكونة فيه لأنه من بلاد الحجاز وإن دخل لتجارة فمرض فيه ولم يمكنه الخروج أقام حتى يبرأ لأنه موضع ضرورة وإن مات فيه وأمكن نقله من غير تغير لم يدفن فيه لأن الدفن إقامة على التأبيد وإن خيف عليه التغير في النقل عنه لبعد المسافة دفن فيه لأنه موضع ضرورة.
فصل: ولا يمكن مشرك من دخول الحرم لقوله عز وجل: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا}[التوبة: ٢٨] والمسجد الحرام عبارة عن الحرم والدليل عليه قوله عز وجل: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى}[الإسراء: ١] وأراد به مكة لأنه أسرى به من منزل خديجة وروى عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخل مشرك المسجد الحرام" فإن جاء رسولاً خرج إليه من يسمع رسالته وإن جاء لحمل مبرة خرج إليه من يشتري منه وإن جاء ليسلم خرج إليه من يسمع كلامه وإن دخل ومرض فيه لم يترك فيه وإن مات لم يدفن فيه وإن دفن فيه نبش وأخرج منه للآية ولأنه إذا لم يجز دخوله في حياته فلأن لا يجوز دفن جيفته فيه أولى وإن تقطع ترك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بنقل من مات فيه منهم ودفن قبل الفتح وإن دخل بغير إذن فإن كان عالماً بتحريمه عزر وإن كان جاهلاً أعلم فإن عاد عزر وإن أذن له في الدخول بمال لم يجز فإن فعل استحق عليه المسمى لأنه حصل له المعوض ولا يستحق عوض المثل وإن كان فاسداً لأنه لا أجرة لمثله والحرم من طريق المدينة على ثلاثة أميال ومن طريق العراق على تسعة أميال ومن طريق الجعرانة على تسعة أميال ومن طريق الطائف على عرفة على سبعة أميال ومن طريق جدة على عشرة أميال.
فصل: وأما دخول ما سوى المسجد الحرام من المساجد فإنه يمنع منه من غير إذن لما روى عياض الأشعري أن أبا موسى وفد إلى عمر ومعه نصراني فأعجب عمر خطه فقال: قل لكاتبك هذا يقرأ لنا كتاباً فقال أنه لا يدخل المسجد فقال لم؟ أجنب هو؟ قال لا هو نصراني قال: فانتهره عمر فإن دخل من غير إذن عزر لما روت أم غراب قالت: