بأمان الصبي لأن ذلك غير مفرط لأنه اعتقد صحة عقد الأمان فرد إلى مأمنه وهذا مفرط لأنه نقض العهد فلم يرد إلى مأمنه فعلى هذا يختار الإمام ما يراه من القتل والاسترقاق والمن والفداء كما قلنا في الأسر.
فصل: ولا يمكن مشرك من الإقامة في الحجاز قال الشافعي رحمه الله هي مكة والمدينة واليمامة ومخاليفها قال الأصمعي سمي حجازاً لأنه حاجز بين تهامة ونجد والدليل عليه ما روى ابن عباس رضي الله عنه قال: اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فقال: "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب". وأراد الحجاز والدليل عليه ما روى أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه قال: آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجوا اليهود من الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب وروى ابن عمر أن عمر رضي الله عنه أجلى اليهود والنصارى من الحجاز ويم ينقل أن أحداً من الخلفاء أجلى من كان باليمن من أهل الذمة وإن كانت من جزيرة العرب فإن جزيرة العرب في قول الأصمعي من أقصى عدن إلى ريف العراق في الطول ومن جدة وما والاها من ساحل البحر إلى أطرار الشام في العرض وفي قول أبي عبيدة ما بين حفر أبي موسى الأشعري إلى أقصى اليمن في الطول وما بين النهرين إلى المساواة في العرض قال يعقوب: حفر أبي موسى على منازل من البصرة من طريق مكة على خمسة أو ستة منازل وأما نجران فليست من الحجاز ولكن صالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا يأكلوا الربا فأكلوه ونقضوا العهد فأمر بإجلائهم فأجلاهم عمر ويجوز تمكينهم من دخول الحجاز لغير الإقامة لأن عمر رضي الله عنه أذن لمن دخل منهم تاجراً في مقام ثلاثة أيام ولا يمكنون من الدخول بغير إذن الإمام لأن دخولهم إنما أجيز لحاجة المسلمين فوقف على رأي الإمام فإن استأذن في الدخول فإن كان للمسلمين فيه منفعة بدخوله لحمل ميرة أو أداء رسالة أو عقد ذمة أو عقد هدنة أذن فيه لأن فيه مصلحة للمسلمين فإن كان في تجارة لا يحتاج إليها المسلمون لم يؤذن له إلا بشرط أن يأخذ من تجارتهم شيئاً لأن عمر رضي الله عنه أمر أن تؤخذ من أنباط الشام من حمل القطنية من الحبوب العشر ومن حمل الزيت والقمح نصف العشر ليكون أكثر للحمل وتقدير ذلك إلى رأي الإمام لأن أخذه باجتهاده فكان تقديره إلى رأيه فإن دخل للتجارة فله أن يقيم ثلاثة أيام ولا يقيم أكثر منها لحديث عمر رضي الله عنه، ولأنه