بالمثل بقيمته ولا خلاف أنه لا يضمن البضع بمهر المثل فلم يضمن بالمسمى وأما الآية فإنها نزلت في صلح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية قبل تحريم رد النساء وقد منع الله تعالى من ذلك بقوله تعالى:{فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} فسقط ضمان المهر فإن قلنا لا يجب رد المهر فلا تفريع وإن قلنا إنه يجب وعليه التفريع وجب ذلك في خمس الخمس لأنه مال يجب على سبيل المصلحة فوجب في خمس الخمس وإن لم يكن قد دفع إليها المهر لم يجب له المهر لقوله تعالى: {وآتوهم ما أنفقوا}[الممتحنة: ١٠] وهذا لم ينفق وإن دفع إليها مهراً حراماً كالخمر والخنزير لم يجب له شيء لأنه لا قيمة لما دفع إليها فصار كما لولم يدفع إليها شيئاً فإن دفع إليها بعض مهرها لم يجب له أكثر منه لأن الوجوب يتعلق بالمدفوع فلم يجب إلا ما دفع وإن جاءت إلى بلد ليس فيها إمام ولا نائب عنه لم يجب رد المهر لأنه يجب في سهم المصالح وذلك إلى الإمام أو النائب عنه فلم يطالب به غيره.
فصل: وإن جاءت مسلمة عاقلة ثم جنت وجب رد المهر لأن الحيلولة حصلت بالإسلام وإن جاءت مجنونة ووصفت الإسلام ولم يعلم هل وصفته في حال عقلها أوفي حال جنونها لم ترد إليه لجواز أن يكون وصفته في حال عقلها فإذا ردت إليهم خدعوها وزهدوها في الإسلام فلم يجز ردها احتياطاً للإسلام وإن أفاقت ووصفت الكفر وقالت: إنها لم تزل كافرة ردت إلى زوجها وإن وصفت الإسلام لم ترد فإذا جاء الزوج في طلبها دفع إليها مهرها لأنه حيل بينهما بالإسلام وإن طلب مهرها قبل الإفاقة لم يدفع إليه لأن المهر يجب بالحيلولة وذلك لا يتحقق قبل الإفاقة لجواز أن تفيق وتصف الكفر فترد إليه فلم يجب مع الشك.
فصل: فإن جاءت صبية ووصفت الإسلام لم ترد إليهم وإن لم يحكم بإسلامها لأنا نرجوا إسلامها فإذا ردت إليهم خدعوها وزهدوها في الإسلام فإن بلغت ووصفت الكفر قرعت فإن أقامت على الكفر ردت إلى زوجها فإن وصفت الإسلام دفع إلى زوجها المهر لأنه تحقق المنع بالإسلام فإن جاء يطالب مهرها قبل البلوغ ففيه وجهان: أحدهما: أنه يدفع إليه مهرها لأنها منعت منه بوصف الإسلام فهي كالبالغة والثاني: أنه لا يدفع لأن الحيلولة لا تتحقق قبل البلوغ لجواز أن تبلغ وتصف الكفر فترد إليه فلم يجب المهر كما قلنا في المجنونة.