فصل: وإن استأجر امرأة ليزني بها فزنى بها أو تزوج ذات رحم فوطئها وهو يعتقد تحريمها وجب عليه الحد لأنه لا تأثير للعقد في إباحة وطئها فكان وجوده كعدمه وإن ملك ذات رحم محرم ووطئها ففيه قولان: أحدهما: أنه يجب عليه الحد لأن ملكه لا يبيح وطأها بحال فلم يسقط الحد والثاني: أنه لا يجب عليه الحد وهو الصحيح لأنه وطء في ملك فلم يجب به الحد كوطء أمته الحائض ولأنه وطئ جارية مشتركة بينه وبين غيره لم يجب عليه الحد وقال أبو ثور: إن علم بتحريمها وجب عليه الحد لأن ملك البعض لا يبيح الوطء فلم يسقط الحد كملك ذات رحم محرم وهذا خطأ لأنه اجتمع في الوطء ما يوجب الحد وما يسقط فغلب الإسقاط لأن مبنى الحد على الدرء والإسقاط وإن وطئ جارية ابنه لم يجب عليه الحد لأن له فيها شبهة ويلحقه نسب ولدها فلم يلزمه الحد بوطئها.
فصل: واللواط محرم لقوله عز وجل: {وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ}[الأعراف: ٨٠] فسماه فاحشة وقد قال عز وجل: {وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}[الأنعام: ١٥١] ولأن الله عز وجل عذب بها قوم لوط بما لم يعذب به أحداً فدل على تحريمه ومن فعل ذلك وهو ممن يجب عليه حد الزنا وجب عليه الحد وفي حده قولان: أحدهما: وهو المشهور من مذهبه أنه يجب فيه ما يجب في الزنا فإن كان غير محصن وجب الجلد والتغريب وإن كان محصناً وجب عليه الرجم لما روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان وإذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان". ولأنه حد يجب بالوطء فاختلف فيه البكر والثيب كحد الزنا والقول الثاني أنه يجب قتل الفاعل والمفعول به لما روى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به" ١. ولأن تحريمه أغلظ فكان حده أغلظ وكيف يقتل فيه وجهان: أحدهما: أنه يقتل بالسيف لأنه أطلق القتل في الخبر في الخبر فينصرف إطلاقه إلى القتل بالسيف والثاني: أنه يرجم لأنه قتل يجب بالوطء فكان بالرجم كقتل الزنا.
فصل: ومن حرمت مباشرته في الفرج بحكم الزنا أو اللواط حرمت مباشرته فيما
١ رواه الترمذي في كتاب الحدود باب ٢٤. ابن ماجه في كتاب الحدود باب ١٢.