للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دون الفرج بشهوة والدليل عليه قوله عز وجل: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: ٥ - ٦] ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يخلون أحدكم بامرأة ليست له بمحرم فإن ثالثهما الشيطان". فإذا حرمت الخلوة بها فلأن تحرم المباشرة أولى لانها أدعى إلى الحرام فإن فعل ذلك لم يجب عليه الحد لما روى ابن مسعود رضي الله عنه أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أخذت امرأة في البستان وأصبت منها كل شيء غير أني لم أنكحها فاعمل بي ما شئت فقرأ عليه {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: ١١٤] ويعزر عليه لأنه معصية ليس فيها حد ولا كفارة فشرع فيها التعزير.

فصل: ويحرم إتيان المرأة المرأة لما روى أبو موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان". ويجب فيه التعزير دون الحد لأنها مباشرة من غير إيلاج فوجب بها التعزير دون الحد كمباشرة الرجل المرأة فيما دون الفرج.

فصل: ويحرم إتيان البهيمة لقوله عز وجل: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} فإن أتى البهيمة وهو ممن يجب عليه حد الزنا ففيه ثلاثة أقوال: أحدها أنه يجب عليه القتل لما روى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه". وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه" ١. وكيف يقتل على الوجهين في اللواط والقول الثاني: أنه كالزنا فإن غير محصن جلد وغرب وإن كان محصناً رجم لأنه حد يجب بالوطء فاختلف فيه البكر والثيب كحد الزنا والقول الثالث أنه يجب فيه التعزير لأن الحد يجب للردع عما يشتهي وتميل إليه النفس ولهذا وجب في شرب الخمر ولم يجب في شرب البول وفرج البهيمة لا يشتهى فلم يجب فيه الحد وأما البهيمة فقد اختلف أصحابنا فيها فمنهم من قال يجب قتلها لحديث ابن عباس وأبي هريرة ولأنها ربما أتت بولد مشوه الخلق ولأنها إذا بقيت كثر تعيير الفاعل بها ومنهم من قال: لا يجب قتلها لأن البهيمة لا تذبح لغير مأكلة وحديث ابن عباس يرويه عمرو بن عمرو وهو ضعيف وحديث أبي هريرة يرويه علي بن مسهر وقال أحمد رحمه الله إن كان روى هذا الحديث غير علي وإلا فليس بشيء ومنهم من قال: إن كانت البهيمة


١ رواه الترمذي في كتاب الحدود باب ٢٣، ٢٤. أبو داود في كتاب الحدود باب ١٠٨. ابن ماجه في كتاب الحدود باب ١٣. أحمد في مسنده ١/٢١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>