يحكم القاضي في الجرح والتعديل بأصحاب المسائل أو بمن عدل أو جرح من الجيران فقال أبو إسحاق: يحكم بشهادة الجيران لأنهم يشهدون بالجرح والتعديل فعلى هذا يجوز أن يقتصر على قول الواحد من أصحاب المسائل ويجوز بلفظ الخبر ويسمى للحاكم من عدل أو جرح ثم يسمع الشهادة بالتعديل والجرح من الجيران على شرط الشهادة في العدد ولفظ الشهادة وحمل قول الشافعي رحمه الله في العدد على الجيران وقال أبو سعيد الإصطخري يحكم بشهادة أصحاب المسائل وهو ظاهر النص لأن الجيران لا يلزمهم الحضور للشهادة بما عندهم فحكم بشهادة أصحاب المسائل فعلى هذا لا يجوز أن يكون أصحاب المسائل أقل من اثنين ويجوز أن يكون من يخبرهم من الجيران واحداً إذا وقع في نفوسهم صدقه ويجب أن يشهد أصحاب المسائل عند الحاكم على شرط الشهادة في العدد ولفظ الشهادة وحمل قول الشافعي رحمه الله تعالى في العدد على أصحاب المسائل وإن بعث اثنين فعادا بالجرح حكم بالجرح وإن عادا بالتعديل حكم بالتعديل وإن عاد أحدهما: بالتعديل وعاد الآخر بالجرح لم يحكم بقول واحد منهما في جرح ولا تعديل ويبعث ثالثاً فإن عاد بالجرح كملت بينة الجرح وإن عاد بالتعديل كملت بينة التعديل وإن شهد اثنان بالجرح واثنان بالتعديل حكم بالجرح لأن شاهدي الجرح يخبران عن أمر باطن وشاهدي العدالة يخبران عن أمر ظاهر فقدم من يخبر بالباطن كما لو شهد اثنان بالإسلام وشهد آخران بالردة وإن شهد اثنان بالجرح وشهد ثلاثة بالعدالة قدمت بينة الجرح لأن بينة الجرح كملت فقدمت على بينة التعديل ولا يقبل الجرح إلا مفسراً وهو أن يذكر السبب الذي به جرح ولأن الناس يختلفون فيما يفسق به الإنسان ولعل من شهد بفسقه شهد على اعتقاده والحاكم لا يعتقد أن ذلك فسق والجرح والتعديل إلى رأي الحاكم فوجب بيانه لينظر فيه ولا يشهد بالجرح من يشهد من الجيران وأهل الخبرة إلا أن يعلم الجرح بالمشاهدة في الأفعال كالسرقة وشرب الخمر أو بالسماع في الأقوال كالشتم والقذف والكذب وإظهار ما يعتقده من البدع أو استفاض عنه ذلك بالخبر لأنه شهادة على علم فأما إذا قال بلغني أو قيل لي أنه يفعل أو يقول أو يعتقد لم يجز أن يشهد به لقوله تعال: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[الزخرف: ٨٦] قال الشافعي رحمه الله: ولا تقبل الشهادة بالتعديل حتى يقول هو عدل على ولي فمن أصحابنا من قال يكفي أن يقول هو عدل وهو قول أبي سعيد الإصطخري لأن قوله عدل يقتضي أنه عدل عليه وله وما ذكره الشافعي رحمه الله تعالى ذكره على سبيل الاستحباب ومنهم من قال لا يقبل حتى يقول عدل لي وعلي وهو قول