أبي إسحاق لأن قوله عدل لا يقتضي العدالة على الإطلاق لأنه قد يكون عدلاً في شيء دون شيء وإذا قال عدل على ولي دل على العدالة على الإطلاق.
فصل: ولا يقبل التعديل إلا ممن تقدمت معرفته وطالت خبرته بالشاهد لأن المقصود معرفة العدالة في الباطن ولا يعمل ذلك ممن لم يتقدم به معرفته ويقبل الجرح ممن تقدمت معرفته به وممن لم يتقدم معرفته لأنه لا يشهد في الجرح إلا بما شاهد أو سمع أو استفاض عنه وبذلك يعلم فسقه.
فصل: وإن شهد مجهول العدالة فقال المشهود عليه هو عدل ففيه وجهان: أحدهما: أنه يجوز للحاكم أن يحكم بشهادته لأن البحث عن العدالة لحق المشهود عليه وهو قد شهد له بالعدالة والثاني: أنه لا يحكم لأن حكمه شهادته حكم بتعديله وذلك لا يجوز بقول الواحد ولأن اعتبار العدالة في الشاهد حق لله تعالى ولهذا لو رضي المشهود عليه بشهادة الفاسق لم يجز للحاكم أن يحكم بشهادته.
فصل: وإن ثبت عدالة الشاهد ومضى على ذلك زمان ثم شهد عند الحاكم بحق نظرت فإن كان بعد زمان قريب يحكم بشهادته ولم يسألة عن عدالته وإن كان بعد زمان طويل ففيه وجهان: أحدهما: أنه يحكم بشهادته لأن الأصل بقاء العدالة والثاني: وهو قول أبي إسحاق أنه لا يحكم بشهادته حتى يعيد السؤال عن عدالته لأنه مع طول الزمان يتغير الحال.
فصل: وإن شهد عنده شهود وارتاب بهم فالمستحب أن يسألهم عن تحمل الشهادة ويفرقهم ويسأل كل واحد منهم على الانفراد عن صفة التحمل ومكانه وزمانه لما روي أن أربعة شهدوا على امرأة بالزنا عند دانيال ففرقهم وسألهم فاختلفوا فدعا عليهم فنزلت عليهم نار من السماء فأحرقتهم وإن فرقهم فاختلفوا سقطت شهادتهم وإن اتفقوا وعظهم لما روى أبو حنيفة رحمه الله قال: كنت جالساً عند محارب بن دثار وهو قاضي الكوفة فجاءه رجل فادعى على رجل حقاً فأنكره فأحضر المدعي شاهدين فشهدا له فقال المشهود عليه والذي تقوم به السموات والأرض لقد كذا علي في الشهادة وكان محارب ابن دثار متكئاً فاستوى جالساً وقال سمعت ابن عمر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الطير لتخفق بأجنحتها وتمي بما في حواصلها من هول يوم القيامة وإن شاهد الزور