للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تزول قدماه حتى يتبوأ مقعده من النار". فإن صدقتما فاثبتا وإن كذبتما فغطيا على رؤوسكما وانصرفا فغطيا رؤوسهما وانصرفا.

فصل: والمستحب أن يحضر مجلسه الفقهاء ليشاورهم فيما يشكل لقوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: ١٥٩] قال الحسن: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مشاورتهم لغنياً ولكن أراد الله تعالى أن يستسن بذلك الحكام ولأن النبي صلى الله عليه وسلم شاور في أسارى بدر فأشار أبو بكر بالفداء وأشر عمر رضي الله عنه بالقتل وروى عبد الرحمن ابن القاسم عن أبيه أن أبا بكر رضي الله عنه كان إذا نزل به أمر يريد فيه مشاورة أهل الرأي والفقه دعا رجالاً من المهاجرين ورجالاً من الأنصار ودعا عمر وعثمان وعلياً وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت رضي الله عنهم فمضى أبو بكر على ذلك ثم ولي عمر رضي الله عنه وكان يدعوا هؤلاء النفر فإن اتفق ولا يقلد غيره لأنه مجتهد فلا يقلد وقال أبو العباس: إن ضاق الوقت وخاف الفوت بأن يكون الحكم بين مسافرين وهم على الخروج قلد غيره وحكم كما قال في القبلة إذا خاف فوت الصلاة وقد بينا ذلك في كتاب الصلاة وإن اجتهد فأداه اجتهاده إلى حكم فحكم به ثم بان له أنه أخطأ فإن كان ذلك بدليل مقطوع به كالنص والإجماع والقياس الجلي نقض الحكم لقوله تعالى: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} [المائدة: ٤٩] ولما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: ردوا الجهالات إلى السنة وكتب إلى أبي موسى لا يمنعنك قضاء قضيت به ثم راجعت فيه نفسك فهديت فيه لرشدك أن تراجع الحق فإن الحق قديم لا يبطله شيء وإن الرجوع إلى الحق أولى من التمادي في الباطل ولأنه مفرط في حكمه غير معذور فيه فوجب نقضه.

فصل: وإن ولي قضاء بلد وكان القاضي قبله لا يصلح للقضاء نقض أحكامه كلها أصاب فيها أو أخطأ لأنه حكم ممن لا يجوز له القضاء فوجب نقضه كالحكم من بعض الرعية وإن كان يصلح للقضاء لم يجب عليه أن يتتبع أحكامه لأن الظاهر أنها صحيحة فإن أراد أن يتتبعها من غير متظلم فهل يجوز له ذلك أم لا فيه وجهان: أحدهما: وهو اختيار الشيخ أبي حامد الإسفرايني أنه يجوز لأن فيه احتياطاً والثاني: أنه لا يجوز لأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>