يشتغل بماض لا يلزمه عن مستقبل يلزمه وإن تظلم منه متظلم فإن سأل إحضاره لم يحضره حتى يسأله عما بينهما لأنه ربما قصد أن يبتذ له ليحلف من غير حق وإن قال لي عليه مال من معاملة أو غصب أو إتلاف أو رشوة أخذها منه على حكم أحضره وإن قال حكم علي بشهادة عبدين أو فاسقين ففيه وجهان: أحدهما: أنه يحضره كما يحضره إذا ادعى عليه مالاً والثاني: أنه لا يحضره حتى يقيم بينة بما يدعيه لأنه لا تتعذر إقامة البينة على الحكم فإن حضر وقال ما حكمت عليه إلا بشهادة حرين عدلين فالقول قوله لأنه أمين وهل يحلف فيه وجهان: أحدهما: وهو قول أبي سعيد الإصطخري أنه لا يخلف لأنه عدل والظاهر أنه صادق والثاني: أنه يحلف لأنه أمين ادعى عليه خيانة فلم يقبل قوله من غير يمين كالمودع إذا ادعى عليه خيانة وأنكرها وإن قال جار علي في الحكم نظرت فإن كان ما حكم به مما لا يسوغ فيه الاجتهاد نقضه كما ينقض على نفسه إذا حكم بما لا يسوغ فيه الاجتهاد وإن كان مما يسوغ فيه الاجتهاد كثمن الكلب وضمان ما أتلف على الذمي من الخمر لم ينقضه كما لا ينقض على نفسه ما حكم فيه مما يسوغ فيه الاجتهاد لأنها لو نقضنا ما يسوغ فيه الاجتهاد لم يستقر لأحد حق ولا ملك لأنه كلما ولى حاكم نقض ما حكم به من قبله فلا يستقر لأحد حق ولا ملك.
فصل: وإذا خرج إلى مجلس الحكم فالمستحب له أن يدعوا بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ما روت أم سلمة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من بيته يقول: "اللهم أعوذ بك من أن أزل أو أزل أو أضل أو أضل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل علي" ١ والمستحب أن يجلس مستقبل القبلة لقوله صلى الله عليه وسلم: "خير المجالس ما استقبل به
١ رواه أبو داود في كتاب الأدب باب ١٠٣. ابن ماجه في كتاب الدعاء باب ١٨. أحمد في مسنده ٦/٣٢٢.