يمينه" قال إنه لا يتورع عن شيء فقال: "ليس له إلا ذلك" فإن امتنع عن اليمين لم يسأل عن سبب امتناعه فإن ابتدأ وقال امتنعت لأنظر في الحساب أمهل ثلاثة أيام لأنها مدة قريبة ولا يمهل أكثر منها لأنها مدة كثيرة فإن لم يذكر عذراً لامتناعه جعله ناكلاً ولا يقضى عليه بالحق بنكوله لأن الحق إنما يثبت بالإقرار أو البينة والنكول ليس بإقرار ولا بينة فإن بذلك اليمين بعد النكول لم يسمع لأن بنكوله ثبت للمدعي حق وهو اليمين فلم يجز إبطاله عليه فإن لم يعلم المدعي أن اليمين صارت إليه قال له القاضي أتحلف وتستحق وإن كان يعمل فله أن يقول ذلك وله أن يسكت وإن قال أحلف ردت اليمين عليه لما روى ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رد اليمين على صاحب الحق وروي أن المقداد استقرض من عثمان مالاً فتحاكما إلى عمر فقال المقداد هو أربعة آلاف وقال عثمان سبعة آلاف فقال المقداد لعثمان: احلف أنه سبعة آلاف فقال عمر: إنه أنصفك فلم يحلف عثمان فلما ولى المقداد قال عثمان: والله لقد أقرضته سبعة آلاف فقال عمر: لم لم تحلف فقال: خشيت أن يرافق ذلك به قدر بلاء فيقال بيمينه واختلف قول الشافعي رحمه الله تعالى في نكول المدعي عليه مع يمين المدعي فقال في أحد القولين هما بمنزلة البينة لأنه حجة من جهة المدعي وقال في القول الآخر هما بمنزلة الإقرار وهو الصحيح لأن النكول صادر من جهة المدعى عليه واليمين ترتب عليه وله فصار كإقراره فإن نكل المدعي عن اليمين سئل عن سبب نكوله والفرق بينه وبين المدعى عليه حيث لم يسأل عن سبب نكوله أن بنكول المدعى عليه وجب للمدعي حق في رد اليمين والقضاء له فلم يجز سؤال المدعى عليه وبنكول المدعي لم يجب لغيره حق فيسقط بسؤاله فإن سئل فذكر أنه امتنع من اليمين لأن له بينة يقيمها وحساباً ينظر فيه فهو على حقه من اليمين ولا يضيق عليه في المدة ويترك ما ترك المدعى عليه يتأخر حق المدعي في الحكم له وبترك المدعي لا يتأخر إلا حقه وإن قال امتنعت لأني لا أختار أن أحلف كم بنكوله فإن بذل اليمين بعد النكول لم يقبل في هذه الدعوى لأنه أسقط حقه منها فإن عاد في مجلس آخر واستأنف الدعوى وأنكر المدعى عليه وطلب يمينه حلف فإن حلف ترك وإن نكل ردت اليمين على المدعي فإذا حلف حكم له لأنها يمين في غير