الدعوى التي حكم فيها بنكوله فإن كان له شاهد واختار أن يحلف المدعى عليه جاز وتنتقل اليمين إلى جنبة المدعى عليه فإن أراد أن يحلف مع شاهده لم يكن له في هذا المجلس لأن اليمين انتقلت عنه إلى جنبة غيره فلم تعد إليه فإن عاد في مجلس آخر واستأنف الدعوى جاز أن يقيم الشاهد ويحلف معه لأن حكم الدعوى الأولى قد سقط وإن حلف المدعى عليه في الدعوى الأولى سقطت عنه المطالبة وإن نكل عن اليمين لم يقض عليه بنكوله وشاهد المدعي لأن للشاهد معنى تقوى به جنبة المدعي فلم يقض به مع النكول من غير يمين كاللوث في القسامة وهل ترد اليمين على المدعي ليحلف مع الشاهد فيه قولان: أحدهما: أنه لا ترد لأنها كانت في جنبته وقد أسقطت وصارت في جنبة غيره فلم تعد إليه كالمدعى عليه إذا نكل عن اليمين فردت إلى المدعي فنكل فإنها لا ترد على المدعى عليه والقول الثاني: وهو الصحيح أنها ترد لأن هذه اليمين غير الأول لأن سبب الأولى قوت جنبة المدعي بالشاهد وسبب الثانية قوة جنبته بنكول المدعى عليه واليمين الأولى لا يحكم بها إلا في المال وما يقصد به المال والثانية: يقضي بها في جميع الحقوق التي تسمع فيها الدعوى فلم يكن سقوط إحداهما موجباً لسقوط الأخرى فإن قلنا إنها لا ترد حبس المدعى عليه حتى يحلف أو يقر لأنه تعين عليه ذلك وإن قلنا إنها ترد حلف مع الشاهد واستحق.
فصل: وإن كانت الدعوى في موضع لا يمكن رد اليمين على المدعى بأن ادعى على رجل ديناً ومات المدعي ولا وارث له غير المسلمين وأنكر المدعى عليه ونكل عن اليمين ففيه وجهان ذكرهما أبو سعيد الإصطخري: أحدهما: أنه يقضي بنكوله لأنه لا يمكن رد اليمين على الحاكم لأنه لا يجوز أن يحلف عن المسلمين لأن اليمين لا تدخلها النيابة ولا يمكن ردها على المسلمين لأنهم لا يتعينون فقضى بالنكول لموضع الضرورة والثاني: وهو المذهب أنه يحبس المدعى عليه حتى يحلف أو يقر لأن الرد لا يمكن لما ذكرناه والقضاء بالنكول لا يجوز لما قدمناه لأنه إما أن يكون صادقاً في إنكاره فلا ضرر عليه في اليمين أو كاذباً فيلزمه الإقرار وإن ادعى وصي ديناً لطفل في حجره على رجل وأنكر الرجل ونكل عن اليمين وقف إلى أن يبلغ الطفل فيحلف لأنه لا يمكن