قال المشهود عليه لي بينة بجرحهما نظر فإن لم يأت بها حكم عليه لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال في كتابه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه واجعل لمن ادعى حقاً غائباً أمدا ينتهي إليه فإن أحضر بينته أخذت له حقه وإلا استحللت عليه القضية فإنه أنفى للشك وأجلى للعمى ولا ينظر أكثر من ثلاثة أيام لأنه كثير وفيه إضرار بالمدعي وإن قال لي بينة بالقضاء أو الإبراء أمهل ثلاثة أيام فإن لم يأت بها حلف المدعي أنه لم يقضه ولم يبرئه ثم يقضي له لما ذكرناه وله أن يلازمه إلى أن يقيم البينة بالجرح أو القضاء لأن الحق قد ثبت له في الظاهر وإن شهد له شاهدان ولم تثبت عدالتهما في الباطن فسأل المدعي أن يحبس الخصم إلى أن يسأل عن عدالة الشهود ففيه وجهان: أحدهما: وهو قول أبي إسحاق وهو ظاهر المذهب أنه يحبس لأن الظاهر العدالة وعدم الفسق والثاني: وهو قول أبي سعيد الإصطخري أنه لا يحبس لأن الأصل براءة ذمته وإن شهد له شاهد واحد وسأل أن يحبسه إلى أن يأتي بشاهد آخر ففيه قولان: أحدهما: أنه يحبس كما يحبس إذا جهل عدالة الشهود والثاني: أنه لا يحبس وهو الصحيح لأنه لم يأت بتمام البينة ويخالف إذا جهل عدالتهم لأن البينة تم عددها والظاهر عدالتها وقال أبو إسحاق: إن كان الحق مما يقضي فيه بالشاهد واليمين حبس قولاً واحداً لأن الشاهد الواحد حجة فيه لأنه يحلف معه.
فصل: وإذا علم القاضي عدالة الشاهد أو فسقه عمل بعمله في قبوله ورده وإن علم حال المحكوم فيه نظرت فإن كان ذلك في حق الآدمي ففيه قولان: أحدهما: أنه لا يجوز أن يحكم فيه بعلمه لقوله عليه الصلاة والسلام للحضرمي: "شاهداك أو يمينه ليس له إلا ذلك" ولأنه لو كان علمه كشهادة اثنين لانعقد النكاح به وحده والثاني: وهو الصحيح وهو اختيار المزني رحمه الله أنه يجوز أن يحكم بعلمه لما روى أبو سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يمنع أحدكم هيبة الناس أن يقول في حق إذا رآه أو علمه أو