سمعه" ١ ولأنه إذا جاز أن يحكم بما شهد به الشهود وهو من قولهم على ظن فلأن يجوز أن يحكم بما سمعه أو رآه وهو على علم أولى وإن كان ذلك في حق الله تعالى ففيه طريقان: أحدهما: وهو قول أبي العباس وأبي علي بن أبي هريرة أنها على قولين كحقوق الآدميين والثاني: وهو قول أكثر أصحابنا أنه لا يجوز أن يحكم فيه بعلمه قولاً واحداً لما روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: لو رأيت رجلاً على حد لم أحده حتى تقوم البينة عندي ولأنه مندوب إلى ستره ودرئه والدليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: "هلا سترته بثوبك يا هزال". فلم يجز الحكم فيه بعلمه.
فصل: وإن سكت المدعى عليه ولم يقر ولم ينكر قال له الحاكم إن أجبت وإلا جعلتك ناكلاً والمستحب أن يقول له ذلك ثلاثاً فإن لم يجب جعله ناكلاً وحلف المدعي وقضى له لأنه لا يخلوا إذا أجاب أن يقر أو ينكر فإن أقر فقد قضى عليه بما يجب على المقر وإن أنكر فقد وصل إنكاره بالنكول عن اليمين فقضينا عليه بما يجب على المنكر إذا نكل عن اليمين.
فصل: وإذا تحاكم إلى الحاكم أعجمي لا يعرف لسانة لم يقبل في الترجمة إلا عدلين لأنه إثبات قول يقف الحكم عليه فلم يقبل إلا من عدلين كالإقرار وإن كان الحق مما يثبت بالشاهد والمرأتين قبل ذلك في الترجمة وإن كان مما لا يقبل فيه إلا ذكرين لم يقبل في الترجمة إلا ذكرين فإن كان إقراراً بالزنا ففيه قولان: أحدهما: أنه يثبت بشاهدين والثاني: أنه لا يثبت إلا بأربعة.
فصل: وإن حضر رجل عند القاضي وادعى على غائب عن البلد أو على حاضر فهرب أو على حاضر في البلد استتر وتعذر إحضاره فإن لم يكن بينة لم يسمع دعواه لأن استماعها لا يفيه وإن كانت معه بينة سمع دعواه وسمعت بينته لأنا لولم نسمع جعلت الغيبة والاستتار طريقاً إلى إسقاط الحقوق التي نصب الحاكم لحفظها ولا يحكم عليه إلا أن يحلف المدعي أنه لم يبرئ من الحق لأنه يجوز أن يكون قد حدث بعد ثبوته بالبينة إقراء أو قضاء أو حوالة ولهذا لو حضر من عليه الحق وادعى البراء بشيء من ذلك
١ رواه الترمذي في كتاب الفتن باب ٢٦. ابن ماجه في كتاب الفتن باب ٢٠. أحمد في مسنده ٣/٥، ١٩.