سمعت دعواه وحلف عليه المدعي فإذا تعذر حضوره وجب على الحاكم أن يحتاط له ويحلف عليه المدعي وإن ادعى على حاضر في البلد يمكن إحضاره ففيه وجهان: أحدهما: أنه تسمع الدعوى والبينة ويقضى بها بعد ما يحلف المدعي لأنه غائب عن مجلس الحكم فجاز القضاء عليه كالغائب عن البلد المستتر في البلد والثاني: أنه لا يجوز سماع البينة عليه ولا الحكم وهو المذهب لأنه يمكن سؤاله فيه يجوز القضاء عليه قبل السؤال كالحاضر في مجلس الحكم وإن ادعى على ميت سمعت البينة وقضى عليه فإن كان له واره كان إحلاف المدعي إليه وإن لم يكن له وارث فعلى الحاكم أن يحلفه ثم يقضي له وإن كان على صبي سمعت البينة وقضى عليه بعدما يحلف المدعي لأنه تعذر الرجوع إلى جوابه فقضى عليه مع يمين المدعي كالغائب والمستتر وإن حكم على الغائب ثم قدم أو على الصبي ثم بلغ كان على حجته في المدح في البينة والمعارضة بينة يقيمها على لا قضاء أو الإبراء.
فصل: ويجوز للقاضي أن يكتب إلى القاضي فيما ثبت عنده ليحكم به ويجوز أن يكتب إليه فيما حكم به لينفذه لما روى الضحاك ابن قيس قال كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها ولأن الحاجة تدعوا إلى كتاب القاضي إلى القاضي فيما ثبت عنده ليحكم به وفيما حكم به لينفذه فإن كان الكتاب فيما حكم به جاز قبول ذلك في المسافة القريبة والبعيدة لأن ما حكم به يلزم كل أحد إمضاؤه وإن كان فيما ثبت عنده لم يجز قبوله إذا كان بينهما مسافة لا تقصر فيها الصلاة ن لأن القاضي الكاتب فيما حمل شهود الكتاب كشاهد الأصل والشهود الذين يشهدون بما في الكتاب كشهود الفرع وشاهد الفرع لا يقبل مع قرب شاهد الأصل.
فصل: ولا يقبل الكتاب إلا أن يشهد به شاهدان وقال أبو ثور يقبل من غير شهادة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتب ويعمل بكتبه من غير شهادة وقال أبو سعيد الإصطخري: إذا عرف المكتوب إليه خط القاضي الكاتب وختمه جاز قبوله وهذا خطأ لأن الخط يشبه الخط والختم يشبه الختم فلا يؤمن أن يزور على الخط والختم وإذا أراد إنفاذ الكتاب أحضر شاهدين ويقرأ الكتاب عليهما أو يقرأ غيره وهو يسمعه والمستحب أن ينظر الشاهدان في الكتاب حتى لا يحذف منه شيء وإن لم ينظرا جاز لأنهما يؤديان ما سمعا وإذا وصلا إلى القاضي المكتوب إليه قرآ الكتاب عليه وقالا تشهدان هذا الكتاب