ليوصل كل واحد منهم إلى حقه كما يجب إن كان الحاكم عالماً ليحكم بينهم بالحق فإن كان القاسم من جهة الحاكم لم يجز أن يكون فاسقاً ولا عبداً لأنه نصيبه لألزام الحكم فلم يجز أن يكون فاسقاً ولا عبداً كالحاكم فإن لم يكن فيها تقويم جاز قاسم واحد وإن كان فيها تقويم لم يجز أقل من اثنين لأن التقويم لا يثبت إلا باثنين وإن كان فيها خرص ففيه قولان: أحدهما: أنه يجوز أن يكون الخارص واحداً والثاني: أنه يجب أن يكون الخرص اثنين.
فصل: فإن كان القاسم نصبه الحاكم كانت أجرته من سهم المصالح لما روي أن علياً رضي الله عنه أعطى القاسم من بيت المال ولأنه من المصالح فكانت أجرته من سهم المصالح فإن لم يكن في بيت المال شيء وجبت على الشركاء على قدر أملاكهم لأنه مؤنة تجب لمال مشترك فكانت على قدر الملك كنفقة العبيد والبهائم المشتركة وإن كان القاسم نصبه الشركاء جاز أن يكون فاسقاً وعبداً لأنه وكيل لهم وتجب أجرته عليهم على ما شرطوا لأنه أجير لهم.
فصل: وإن كان في القسمة رد فهو بيع لأن صاحب الرد بذل المال في مقابلة ما حصل له من حق شريكه عوضاً وإن لم يكن فيها رد ففيه قولان: أحدهما: أنها بيع لأن كل جزء من المال مشترك بينهما فإذا أخذ نصف الجميع فقد باع حقه بما حصل له من حق صاحبه والقول الثاني أنها فرز النصيبين وتمييز الحقين لأنها لو كانت بيعاً لم يجز تعليقه على ما تخرجه القرعة ولأنها لو كانت بيعاً لافتقرت إلى لفظ التمليك ولثبتت فيها الشفعة ولما تقدر بقدر حقه كسائر البيوع فإن قلنا إنها بيع لم يجز فيما لا يجوز بيع بعضه ببعض كالرطب والعسل الذي انعقدت أجزاؤه بالنار وإن قلنا إنها فرز النصيبين جاز وإن قسم الحبوب والأدهان فإن قلنا إنها بيع لم يجز أن يتفرقا من غير قبض ولم يجز قسمتها إلا بالكيل كما لا يجوز في البيع وإن قلنا إنها فرز النصيبين لم يحرم التفرق فيها قبل التقابض ويجوز قسمتها بالكيل والوزن وإن كانت بينهما ثمرة على شجرة فإن قلنا إن القسمة بيع لم تجز قسمتها خرصاً كما لا يجوز بيع بعضها ببعض خرصاً وإن قلنا إنها تمييز الحقين فإن كانت ثمرة غير الكرم والنخل لم تجز قسمتها لأنها لا يصح فيها الخرص وإن كانت ثمرة النخل والكرم جاز لأنه يجوز خرصها للفقراء في الزكاة فجاز للشركاء.