فصل: وإن وقف على قوم نصف أرض وأراد أهل الوقف أن يقاسموا صاحب الطلق فإن قلنا إن القسمة بيع لم يصح وإن قلنا إنها تمييز الحقين نظرت فإن لم يكن فيها رد صحت وإن كان فيها رد فإن كان من أهل الوقف جاز لأنهم يتنازعون الطلق وإن كان من أصحاب الطلق لم يجز لأنهم يتنازعون الوقف.
فصل: وإن طلب أحد الشريكين القسمة وامتنع الآخر نظرت فإن لم يكن على واحد منهم ضرر في القسمة كالحبوب والأدهان والثياب الغليظة وما تساوت أجزاؤه من الأرض والدور أجبر الممتنع لأن الطالب يريد أن ينتفع بماله على الكمال وأن يتخلص من سوء المشاركة من غير إضرار بأخذ فوجبت إجابته إلى ما طلب وإن كان عليهما ضرر كالجواهر والثياب المرتفعة التي تنقص قيمتها بالقطع والرحى الواحدة والبشر والحمام الصغير لم يجبر الممتنع لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا إضرار" ١. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال ولأنه إتلاف مال وسفه يستحق بها الحجر فلم يجبر عليه وإن كان على أحدهما: ضرر دون الآخر نظرت فإن كان الضرر على الممتنع أجبر عليها وقال أبو ثور رحمه الله: لا يجبر لأنها قسمة فيها ضرر فلم يجبر عليها كما لو دخل الضرر عليهما وهذا خطأ لأنه يطلب حقاً له فيه منفعة فوجبت الإجابة إليه وإن كان على المطلوب منه ضرر كما لو كان له دين على رجل لا يملك إلا ما يقضي به دينه وإن كان الضرر على الطالب دون الآخر ففيه وجهان: أحدهما: أنه يجبر لأنه قسمة لا ضرر فيها على أحدهما: فأجبر الممتنع كما لو كان الضرر على الممتنع دون الطالب والثاني: أنه لا يجبر وهو الصحيح لأنه يطلب مالا يستضر به فلم يجبر الممتنع ويخالف إذا لم يكن على الطالب ضرر لأنه يطلب ما ينتفع به وهذا يطلب ما يستضر به وذلك سفه فلم يجبر الممتنع.
فصل: وإن كان بينهما دور أو أراض مختلفة في بعضها نخل وفي بعضها شجر،
١ رواه ابن ماجه في كتاب الأحكام باب ١٧. الموطأ في كتاب الأقضية حديث ٣١. أحمد في مسنده ٥/٣٢٧.